دعت الأمم المتحدةإلى استجواب ولي عهد السعودي محمد بن سلمان، وعدد من المسؤولين السعوديين الآخرين رفيعي المستوى حول مقتل الصحفي السعودي جمال خاشفجي قبل تسعة شهور في تركيا.
وكان الصحفي السعودي جمال خاشقجي قتل في قنصلية السعودية في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2018 بمدينة إسطنبول التركية.
ودعت خبيرة الأمم المتحدة أنياس كالامارد، وفق “بي بي سي عربية” إلى استجواب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بعد التأكد من “وجود دليل يمكن التعويل عليه يشير إلى أنّ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ومسؤولين آخرين رفيعي المستوى يتحملون المسؤولية بشكل فردي عن مقتل خاشقجي”.
وأشار تقرير الأمم المتحدة الذي أعدته أنياس كالامارد، مقررة الأمم المتحدة المعنية بالتحقيق في قضايا القتل خارج نطاق القانون، إلى “وجود دليل يستحق إجراء المزيد من التحقيق من جانب جهة دولية مستقلة ومحايدة”.
الجبير يطعن في مصداقية التقرير حول مقتل خاشقجي
وصف عادل الجبير، وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية تقرير أنياس كالامارد بأنه “متناقض”. وأشار في تدوينة على صفحته الخاصة في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، إنّ: “التقرير تضمّن تناقضات واضحة وادّعاءات لا أساس لها تطعن في مصداقيته”.
وكانت المملكة العربية السعودية نفت أكثر من مرة ضلوع وليّ العهد محمد بن سلمان أو معرفته المسبقة بعملية قتل خاشقجي، ويُصرّ مسؤولون سعوديون، وفق “بي بي سي عربية” على أنّ مقتل خاشقجي كان نتيجة عملية “مارقة”، إلا أنّ تقرير مقررة الأمم المتحدة يخلص إلى أنها كانت عملية “قتل خارج نطاق القضاء، تتحمل فيه الدولة المسؤولية”.
وتقول أنياس كالامارد في تقريرها، إنّ: “المحاكمة التي تجريها السعودية فشلت في الوفاء بالمعايير الإجرائية الدولية وبالمعايير الموضوعية، ومن ثمّ دعت كالامارد إلى تعليق تلك المحاكمة”.
وجود دليل موثوق حول مقتل خاشقجي
وأكدت كالامارد على وجود “دليل موثوق” يستحق مزيدًا من التحقيق في المسؤولية الفردية لمسؤولين سعوديين رفيعي المستوى، بينهم ولي العهد”.
وقال عادل الجبير، وزير الدولة للشؤون الخارجية وعضو مجلس الوزراء السعودي، في عدد من التغريدات على حسابه الرسمي على موقع تويتر: “يتضمن تقرير المقررة في مجلس حقوق الإنسان تناقضات واضحة وادعاءات لا أساس لها تطعن في مصداقيته”.
وأضاف الجبير: “المحاكمات الجارية في قضية مقتل المواطن جمال خاشقجي يحضرها ممثلون لسفارات الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى تركيا ومنظمات حقوقية سعودية”.
وأكد الجبير على أنّ: “الجهات القضائية في المملكة هي الوحيدة المختصة بنظر هذه القضية وتمارس اختصاصاتها باستقلالية تامة ونرفض بشدة أي محاولة للمساس بقيادة المملكة أو إخراج القضية عن مسار العدالة في المملكة أو التأثير عليه بأي شكل كان. ونؤكد بأنّ سيادة المملكة وولاية مؤسساتها العدلية على هذه القضية أمر لا مساومة فيه”.
وتقول مقررة الأمم المتحدة، إنّ: “محمد بن سلمان ينبغي أن يخضع للعقوبات المستهدفة المفروضة بالفعل من بعض الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تشمل أسماء أخرى متهمة بالضلوع في عملية القتل”.
ويضيف التقرير بأنّ “العقوبات، التي تركّز على أصوله الشخصية في الخارج، ينبغي أن تظلّ قائمة، وذلك “لحين تقديم دليل على عدم تحمله مسؤولية في إعدام خاشقجي”.
الجريمة دولية
وبررت كالامارد الدعوة لتعليق التحقيقات التي تجريها السعودية مع أحد عشر متّهمًا، بالقول، إن: “الجريمة دولية، ومن ثمّ تخضع لولاية قضائية عالمية، ممّا يسمح لدول أخرى مثل تركيا والولايات المتحدة، بملاحقة المسؤولين قضائيًا”.
وتسعى السلطات السعودية إلى إعدام خمسة متهمين من أصل أحد عشر متهمًا مجهولًا تقول المملكة إنها زجّت بهم خلف القضبان في إطار محاكمة داخلية لقتلة الصحفي خاشقجي.
ويقول التقرير إنّ: “مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ينبغي أن يبدأ تحقيقًا جنائيًا في مقتل خاشقجي وذلك لإعداد ملفات قوية عن كل المتهمين والتوصل لآليات من أجل مساءلة رسمية”.
وقالت أنياس كالامارد في تقريرها للأمم المتحدة، إنّ: “السلطات السعودية لم تقدّم أية معلومات عما أجرته من تحقيق بشأن “موقع الجريمة”، وأنّ التحقيق السعودي الداخلي لم يُجر بـ “نية حسنة”.
وقُتل خاشقجي وقطعت أوصاله داخل القنصلية السعودية في مدينة إسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عندما كان يسعى إلى استخراج أوراق شخصية، وفقًا لمسؤولين أتراك وسعوديين.
وكان خاشقجي قتل على أيدي عملاء سعوديين وصلوا إلى إسطنبول في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في حادث أثار غضبًا واسعًا على مستوى العالم.
وكانت السلطات السعودية أقرّت، بعد أن أصدرت العديد من التصريحات المتناقضة، بأنّ خاشقجي قتل بعد أن فشل موظفو القنصلية في إقناعه بالعودة إلى السعودية.
وقال مسؤولون في الشرطة التركية: “إنهم يعتقدون أنّ أشلاء خاشقجي قد أحرقت وأتلفت، وإنّ مقر القنصلية السعودية في إسطنبول به “بئران وفرن تصل درجة الحرارة فيه إلى ألف درجة مئوية، ممّا يتلف أيّ أثر لحمض نووي”.
وانتقد متحدث باسم الرئاسة التركية ما وصفه بـ “غياب الشفافية الكامل” من جانب السلطات السعودية في التحقيق بقضية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي.
وفي يناير/كانون الثاني، استدعى مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أنغيس كالامارد، المختصة بتحديد طبيعة ومدى مسؤولية الدول والأفراد في عمليات القتل خارج إطار القانون.
مقتل خاشقجي عملية مارقة
يُصرّ مسؤولون سعوديون على أنّ مقتل خاشقجي كان نتيجة عملية “مارقة”، لكن تقرير مقررة الأمم المتحدة يخلص إلى أنها كانت عملية “قتل خارج نطاق القضاء، تتحمل فيه الدولة المسؤولية”.
ويقول التقرير: “من منظور القانون الإنساني الدولي، مسؤولية الدولة ليست محلّ تساؤل، فعلى سبيل المثال، مَن من بين مسؤولي الدولة أعطى تعليمات بقتل خاشقجي، وما إذا كان واحد أو أكثر أعطوا تعليمات بعملية الاختطاف التي آلت إلى القتل الخطأ، وما إذا كان الضباط قاموا بالعملية من تلقاء أنفسهم أو بالأمر”.
وأعرب أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي عن ثقتهم بأنّ “ولي العهد السعودي كان على صلة بمقتل خاشقجي، في أعقاب استماعهم لإيجاز خاص في هذا الشأن من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية “سي آي أيه”.
(بتصرّف من بي بي سي عربية)