Site icon Barcha News

سياسة محمد بن زايد الجديدة تجاه إيران: إستراتيجيةٌ أم تقلّبات مُقاولٍ؟

سياسة محمد بن زايد الجديدة

نشرت مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية، مقالًا للكاتب بول بيلار، سلّط فيه الضوء على السياسة الجديدة لولي عهد أبوظبي محمد بن زايد تجاه إيران، مشيرةً إلى أنّ دولة الإمارات العربية المتحدة في مرحلة إعادة توجيه جذرية لسياساتها الخارجية.

وقال الكاتب، إنّ ولي عهد أبو ظبي والحاكم الفعلي للإمارات محمد بن زايد وصل إلى قناعة بأن سياساته الإقليمية الرئيسية لم تعد فعالةً وتحتاج إلى إعادة توجيهٍ جذريٍ، وعلى إثر ذلك فقد قرر سحب بلاده من المشاركة في حرب اليمن، وحاول الابتعاد عن أيّ مواجهة مع إيران.

وقام قسم الترجمة بصحيفة الاستقلال بترجمة المقال ونشره.

بن زايد “مقاول”؟

أضاف الكاتب بول بيلار: “يركز تحول الإمارات على بعض النواحي التي قد تستفيد منها السياسة الأمريكية في المنطقة من إعادة التوجيه”، مشيرا إلى أن الإمارات واحدة من 3 دول اعتمدت عليها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فيما يتعلق بسياساتها في الشرق الأوسط، والدولتين الأخريين هما إسرائيل والسعودية.

ووصف الكاتب، بن زايد بأنه “مقاول”، وقال: “يمكن للمقاول من الباطن تعقيد أي مشروع، وبالمثل في السياسة الخارجية، إذا قرر فجأة من جانب واحد اتخاذ اتجاه مغاير. التوجه الجديد ليس سيئًا بالضرورة وقد يمثل تحسنًا، لكن في الوقت الحالي فإن صاحب المشروع وجد نفسه مع مشروع غير مكتمل”.

وتابع: “إذا لم تتخذ إدارة ترامب التوجه الجديد نفسه، ستجد الولايات المتحدة نفسها منعزلة بشكل أكبر في الشرق الأوسط، وبشكل أكبر من الفترة التي كانت قبيل تحرك بن زايد”.

ماذا عن بن سلمان؟

وأشار الكاتب إلى أنه “بالنسبة للشريكين الآخرين، لا يمكن لأحد استبعاد تغيرات مماثلة من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي لا يمكنه إخراج السعودية بالسهولة نفسها من الحرب اليمنية، كما فعلت الإمارات”.

وزاد: “لكنه يواجه بعض التحديات والانتكاسات نفسها، ويواجهها الآن دون دعم كبير من صديقه محمد بن زايد. إذا لم يقم بن سلمان بتغيير السياسة السعودية، ستقوم الولايات المتحدة بذلك من نفسها باستثناء شراكتها مع الحكومة اليمينية في إسرائيل، التي تستفيد من العلاقة لأسبابها الخاصة كما تفعل دائما”.

ومضى الكاتب يقول: “خطوط الصراع في الشرق الأوسط أكثر تعقيدا بكثير من الصورة التي تحاول إدارة ترامب الترويج لها، وهي صورة تولي أهمية فقط للمعارضة الشديدة لإيران الشيعية. وتفسر الحرب في اليمن بوضوح هذا التعقيد”.

الحوثوين والانفصاليون

ولفت الكاتب إلى أن “التمرد الحوثي بدأ هناك بسبب خلافات محلية بينها تركيز الحكومة غير الكافي على مصالح اليمنيين في الشمال”.

ونوّه إلى أنّ إيران لم تبدأ الصراع، وترى في الدعم المادي للحوثيين، الذين يتخذون قراراتهم الخاصة التي تخالف في بعض الأحيان النصيحة الإيرانية، وسيلة رخيصة لاستنزاف السعوديين بعد أن أطلق بن سلمان حملته باليمن.

وأكد، أنّ “التعقيد ازداد مع اندلاع القتال الأخير بين الانفصاليين الجنوبيين، المدعومين من الإمارات، والقوات الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي، رجل الرياض المقيم في المنفى بالمملكة السعودية. طرفا هذا القتال هم شركاء التحالف المفترضين. وهذا البعد الجديد للفوضى ربما دفع بن زايد إلى تسريع خروج الإمارات من اليمن”.

وبحسب بيلار، فإنّ الحركة الانفصالية الجنوبية حددت خطوط الصراع في اليمن على الأقل بقدر ما حددت مظالم الحوثيين، كما انعكس ذلك في حقيقة أنه منذ سنوات قليلة مضت كان للجنوبيين دولتهم الخاصة قبل دمجها مع الجزء الآخر من اليمن في عام 1990 لتشكيل جمهورية يمنية واحدة.

وتابع: “لا يزال تهديد الإرهاب الدولي عاملًا في الجنوب، في شكل فرع للقاعدة، والذي يعد الحوثيين أعداء أقوياء ضدهم. التطورات الأخيرة في اليمن تجعل حق النقض الذي استخدمه الرئيس ترامب أمام قرار للكونجرس يدعو إلى إنهاء تدخل الولايات المتحدة في حرب السعودية يبدو أكثر سوءًا”.

هوس لا إستراتيجية

وبخصوص موقف الإمارات الأخير، والهادف إلى تخفيف التوترات مع إيران بدلًا من تصعيدها، أكد الكاتب، أنه “يوضح أن موقف إدارة ترامب تجاه إيران مجرد هوس أكثر منه إستراتيجية. لا يريد الإماراتيون، أكثر من غيرهم من سكان الخليج، شن حرب في المنطقة والتي قد يكون لها آثار مدمرة للغاية على مصالحهم الاقتصادية والأمنية”.

بدلا من ذلك، يرى الكاتب، أن ما أرادوه هو أن تظل إيران، المنافس الإقليمي، ضعيفة ومعزولة. وبالنسبة للولايات المتحدة، لا شك في أن جانبا من هذه المنافسات الإقليمية ليس في مصلحة واشنطن رغم أنها في صالح الإمارات.

وأردف: “أن ما لا يصب في مصلحة الإمارات، كما أدرك بن زايد بوضوح، هو أن الإماراتيين يتبعون طريق الولايات المتحدة، الذي نصبه جون بولتون الساعي للحرب. تعرف الإمارات أنه من المرجح بدرجة كبيرة أن ينتهي مسار مستشار الأمن القومي بنزاع مسلح”.

وبيّن الكاتب، أن “على إدارة ترامب أن لا تفترض أن دول الخليج، فقط لكونها منافسة لإيران بدرجات متفاوتة، ستكون مهووسة بطهران كما هي الحال في الإدارة الأمريكية. سيكون هذا خطأ كبيرا. فحكام الخليج مثل بن زايد لا يمكنهم السماح بأن تصبح الهواجس محور سياساتهم الخارجية. فهم من يمكثون بالجوار وليس الولايات المتحدة”.

التقارب مع إيران

وبالتالي، توّصل الكاتب، إلى أن تغيير بن زايد للسياسة، والذي يرتقي إلى اعتراف بضرورة مشاركة الجيرة حتى مع المنافسين، حسا جيدا. بالطبع، ارتكب بن زايد بعض الأخطاء، لكنه رجل ذكي وينعكس ذلك في رغبته وقدرته على الاعتراف بالأخطاء وتصحيحها. فهو يدرك أن المصالح الاقتصادية والأمنية للإمارات ستحظى بأفضل حماية عبر قدر من التقارب مع إيران”.

وأشار بيلار إلى أن “بن زايد يدرك أن المسار الحالي لإدارة ترامب في المواجهة المستمرة والتي لا تنتهي دائما لا يمكن أن تأتي بنهاية جيدة”، موضحا أن “الإمارات ستكون الآن أكثر انسجاما مع مواقف دول الخليج، كالكويت وعمان وقطر”.

واختتم الكاتب بقوله: “سيكون من الجيد بالنسبة للولايات المتحدة إذا أجرت إدارة ترامب نوع التغييرات نفسه التي تجريها الإمارات، ليس لأن الولايات المتحدة يجب أن تتبع بشكل أعمى (حليف) ولكن لأن حقائق الصراع في الشرق الأوسط تجعل الأمر من مصلحة الولايات المتحدة”.


تحميل

 المصادر:

  1. Coalition of the Unwilling: Why the United Arab Emirates Won’t Let America Impact Its Relationship with Iran
Views: 0
Exit mobile version