Site icon Barcha News

الوضع في الجزائر بعد 6 أشهر من اندلاع الاحتجاجات الشعبية

الوضع في الجزائر

تناولت صحيفة الاستقلال الوضع في الجزائر وما آلت إليه الاحتجاجات الشعبية بعد مرور أكثر من 6 شهور على اندلاعها، فإلى أين وصلت الأمور في الجزائر؟

تقول صحيفة الاستقلال، إنّ العديد من الصحف الفرنسية توقفت عند الأوضاع في الجزائر بعد مرور ستة أشهر من الاحتجاجات الشعبية، التي أدت إلى استقالة الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة (حكم البلاد لمدة 20 عاما)، بعد منعه من الترشح لولاية خامسة وتأجيل الانتخابات في البلاد.

فمن جهتها، قالت صحيفة “لاكروا”، إن الجزائريين توافدوا إلى الشوارع يوم 22 فبراير/ شباط الماضي، بسبب الغضب من احتمالية ترشح الرئيس بوتفليقة لفترة ولاية خامسة”، مشيرة إلى أنه بعد مرور ستة أشهر، يشكك الجميع في استمرار “الحراك”، أو الحركة الاحتجاجية ضد النظام العسكري.

إحياء المظاهرات

وأكدت الصحيفة، أن “النظام الذي يمسك بزمام الأمور في البلاد خلال الوقت الحالي لا يزال يصر على موقفه ويصم أذنه عن طلبات المحتجين الذي يريدون إقامة فترة انتقالية سياسية”.

وأشارت إلى أن السؤال الذي يطرح نفسه بعد نصف عام من انطلاقه: هل ستظهر رياح ثانية للحراك الشعبي في نهاية الصيف الجاري؟ مبينة أن كثيرا من الجزائريين يحلمون بهذا الأمر، فهم على مدار أشهر من الأمل متحمسون لرؤية الجزائر الجديدة.

وذكرت الصحيفة، أن “أنصار الحراك يأملون في إحياء المظاهرات التي تنطلق كل يوم جمعة في شوارع البلاد لثني النظام العسكري”، منوّهة إلى أن “رهانات الحراك الشعبي باتت ثقيلة، إذ يجد صعوبة في إيجاد ممثلين عن المتظاهرين لمواجهة النظام في ظل خارطة طريق غير واضحة المعالم من أجل تسريع عملية الانتقال الديمقراطي”.

ولفتت إلى أن هناك عددا قليلا من الشخصيات التي تواجه النظام فقائد الجيش الجنرال أحمد قايد صالح، الذي يتولى زمام الأمور في البلاد وأجهزة المخابرات يراقبون خطوات المعارضة وكل من له علاقة بها، وفقا للدراسة الاستقصائية التي أجرتها صحيفة “وول ستريت جورنال” في 15 أغسطس/ آب الماضي.

كما أنه بحسب الصحيفة الصادرة من نيويورك، فإن شركة “هواوي” العملاقة الصينية، التي تبيع أنظمة التجسس إلى الدول الإفريقية، نصحت البعض بالذهاب إلى الجزائر لمعرفة ما هو أفضل شيء في المراقبة الإلكترونية، واعتراض الاتصالات المشفرة، وتتبع الهواتف المحمولة، إلخ.

ونقلت عن حسني عبيدي، مدير مركز “الدراسات والبحوث حول العالم العربي والبحر الأبيض المتوسط” في جنيف، قوله: “إن شباب الحراك الذين يعانون البطالة بشكل كبير رغم اختلاف آرائهم حول قضايا عدة على غرار المساواة بين الجنسين وموضوع المفقودين والمجازر خلال العشرية السوداء في الجزائر، إلا أنهم وحّدوا مطالبهم في الدعوة إلى رحيل النظام وتنظيم انتخابات ديمقراطية شفافة في البلاد”، مؤكدا أن “الأمر متروك للنخب السياسية لترجمة المطالبات وبدء المفاوضات”.

لا تقدّم مع العسكر

من جهته، قال راديو “فرنسا الدولي”، إنه منذ 22 فبراير/شباط الماضي، ينزل الجزائريون بلا كلل إلى الشوارع بما في ذلك العاصمة، لكن بعد ستة أشهر من هذا الاحتجاج غير المسبوق، لم تضعف هذه الحركة، لكنها تواجه سلطة عنيدة”.

وأكد، أنه بعد أن نجح الحراك في إجبار بوتفليقة على الاستقالة، لا يزال النظام العسكري الذي تولى إدارة البلاد قائما، ولم يحقق المتظاهرون أي تقدم نحو تغيير النظام الذي يطالبون به، رغم حبس بعض الشخصيات ورجال الأعمال والسياسيين المتهمين بالفساد.

لكن لويزا دريس آيت حمدوش، أستاذة العلوم السياسية بجامعة الجزائر، تعدد بعض إنجازات هذه التعبئة، بالقول: “إدراك ما هو غير مقبول سياسيا الآن، رفع الطموحات إلى مستوى جديد، إدراك قوة الحراك”.

احتجاجات الجزائريين

ورغم ذلك يوضح “الراديو” أن “النظام لا يزال قائما، فالقيادة العليا للجيش، التي كانت أكثر تحفظا في عهد بوتفليقة، هي من تمسك في الحقيقة بزمام الأمور”.

وتابع: “إلى جانب الجمود السياسي، تغير الكثير بالنسبة للجزائريين خلال الستة أشهر  الماضية، إذ انخفض الخوف من التظاهر، والشباب الذين اعتقد الكثيرون أنهم غير قادرين على التعبئة، قد استعادوا السياسة وفي يومي الثلاثاء والجمعة، الشوارع تكون دائما ممتلئة بالمحتجين حتى خلال شهر رمضان والعطلة الصيفية”.

ورأى، أن هذه الحركة غير المسبوقة خلقت توازن قوى مع السلطة، لم يكن موجودا قبل ستة أشهر، لكن الأخيرة التي لا تريد التخلي عن الحكم، لم يعد بإمكانها تجاهل الشعب، وكدليل على ذلك، تم إلغاء الانتخابات الرئاسية في 4 يوليو بفضل هذه التعبئة.

“انتفاضة متداخلة”

ونقل عن إحسان القاضي، مدير موقع “مغرب إيميرجان” قوله: “الإنجاز الرئيسي نفسي، لقد تجاوز الجزائريون الخوف، لقد أدركوا أنهم تجاوزا خلافاتهم، العلم الجزائري يرفرف بجوار العلم الأمازيغي في جميع أنحاء البلاد، دون أن يكون ذلك مشكلة في المدن التي يغلب فيها النطق بالعربية”.

وبالنسبة للقاضي، فإن “استقالة عبد العزيز بوتفليقة لم تكن جوهر التعبئة، بل مكّنت بشكل خاص الجزائريين من استعادة السياسة، إذ تعود الطبيعة السلمية للتعبئة إلى وجود المرأة القوي في الأماكن العامة التي غيرت العلاقة، وهكذا اختلط الجزائريون، بما في ذلك اجتماعيا”.

وأوضح: “أنها انتفاضة متداخلة، هناك ليبراليون، وأثرياء، ومواطنون ينحدرون من مناطق شعبية، ومشجعون لأندية كرة القدم، يترددون على المظاهرات. تواجه السلطة الآن مجتمعا أصبح مدركًا لقوته الجماعية واستعاد حريته في التعبير، لقد أدرك الجزائريون أنهم كانوا أقوياء عندما اجتمعوا مرة أخرى مهتمين بمصيرهم، هم سادة الوضع، ولا يمكن فعل شيء ضدهم”.

ورأى القاضي، أنه “في الوقت الحالي لا يجب أن نكون مخطئين، تم إنشاء توازن للقوى بين الشعب والحكومة منذ 22 فبراير، مما يعني أن الناس لم يعودوا خائفين، وأنهم يخرجون وأنهم يظهرون طريقتهم في رؤية المستقبل، لكن من الناحية المؤسسية يمكننا حتى القول لا يزال هناك تراجع”.

ثورة هزّت الجزائر

أما قناة “فرانس 24″ فتساءلت عن مستقبل هذا الحراك، لافتة إلى أنه بحسب فريد عليلات، الصحفي بـ”جون أفريك” والمختص في الشأن الجزائري، ما شهدته البلاد “ليست حركة احتجاج، بل ثورة هزت الجزائر”.

وبيّنت أن الحركة الشعبية مستمرة في النمو على الرغم من استقالة رئيس الدولة، فلا رمضان ولا العطلات ولا حتى الطقس الحار لم ينقص من تصميم الناس.

لكن رغم المكاسب ترى القناة الفرنسية، أن كلا الطرفين في طريق مسدود، بالنسبة للجنرال قايد صلاح، الرجل القوي منذ رحيل عبد العزيز بوتفليقة، فإن “المطالب الأساسية” للحركة قد استوفيت “بالكامل” وبمعنى آخر: المظاهرات لم تعد مبررة.

كما تطالب السلطات منذ ذلك الحين بتنظيم انتخابات رئاسية لاختيار خليفة لبوتفليقة، فالحل الوحيد، بحسب رأيهم، هو مغادرة الجمود المؤسسي الناشئ عن استحالة تنظيم الاقتراع الذي كان مقررا في 4 يوليو/تموز الماضي، لعدم وجود مرشح، ولذلك أوكلت السلطات المهمة لهيئة استشارية من أجل تحديد شروط الانتخابات الرئاسية، لكن اللجنة المخصصة تكافح من أجل بناء شرعية مع المحتجين، الذين يتظاهرون كل جمعة.

ونقلت عن فريد عليلات أيضا، أن الحكومة والشعب الجزائريين يبدو أنهما غير قادرين على التوافق: “يتقدم كل منهما بخرائط طريق معاكسة، وفي هذه الظروف، من الصعب التنبؤ بما سيحدث للوضع في الأسابيع المقبلة”.

وتبيّن القناة الفرنسية، أنه “لا يزال البعض يرى فرضية التدخل الوحشي للجيش”، مستذكرين أعمال الشغب التي اندلعت عام 1988 والتي أدت إلى نظام التعددية الحزبية أو تلك التي حدثت عام 1992، أثناء توقف العملية الانتخابية لمنع انتصار الإسلاميين في الانتخابات التشريعية، لكنها نتيجة غير مرجحة وفقا للعديد من المراقبين.

ويخلص عليلات في ختام حديثه إلى أن هناك شيء واحد مؤكد: “في سبتمبر/أيلول المقبل يمكننا أن نحكم على حجم الحركة”.


تحميل التقرير

 المصادر:

  1. Après six mois de colère, où va l’Algérie ?
  2. Après six mois de contestation, l’Algérie à la croisée des chemins
  3. Après six mois de contestation en Algérie, la “révolution” dans l’impasse
Views: 0
Exit mobile version