تعرّضت الصحافية مبروكة خذير إلى الطرد من عدد من المواطنين المحتفلين بفوز الأستاذ قيس سعيّد بالوصول إلى قصر قرطاج.
هؤلاء، مثل جميع التونسيين من حقّهم أن يحتفلوا، ولكن ليس من حقّهم أن يمنعوا الصحافيين من تغطية الحدث.
صحيح أنّ المواطنين الذين اعتدوا أو أطردوا الفريق المصاحب للصحافية مبروكة خذير كانوا يعتقدون أنّ هؤلاء ينتمون إلى قناة تلفزيونية معيّنة لم تكفّ عن نقد الأستاذ قيس سعيّد ونشر الأكاذيب بحقه، حتى أنّ أغلب التونسيين قد نفروهم وكرهوهم.
من ذلك أنّ الصحافي سمير الوافي كتب تدوينة قال فيها عن أحد هؤلاء المارقين، الذين لا يشبهون التونسيين: “أمنية أغلب التونسيين هي أن يبصقوا عليك يا مريض..”.
الصحافية مبروكة خذير تألمت بسبب هذا الاعتداء، ولكنها ردّته إلى المتسببين الرئيسيين فيه، إلى أولئك الذين لا يشبهون التونسيين، ولا هم يفكرون مثل التونسيين، ولا هَمّ لهم غير التأثير على المواطن التونسي وتوجيهه إلى ما يريده أسيادهم.
مبروكة خذير ندّدت بهم وأكدت أنّ هؤلاء لا يشبهون التونسيين، وهم ليسوا غير أشباه الصحافيين: “لسنا بعضًا منكم ولا أنتم جزءٌ منّا، نحن الكلّ وأنتم النّشاز، نحن الأصل وأنتم فرعٌ هجينٌ لا يمثّلنا”.
وهذه رسالة الصحافية مبروكة خذير إلى أشباه الصحافيين الذين جعلوا من الصحافيين الشرفاء عرضة لاعتداءات بعض المواطنين، عن غير قصد.
رسالة إلى أشباه الصحافيين
الصحفية مبروكة خذير اللتي تم الاعتداء عليها البارحة تكتب هذه الكلمات :
رسالة إلى بعض من إعلاميين وأشباه إعلاميين من صحافية لا ترونها كثيرًا في منابركم الإعلامية ولا هي حاضرة في مقدمة برامجكم التحليلية في تونس، لكنها وجدت نفسها تزيّن شاشات الإعلام الأجنبي على امتداد سنوات طويلة.
البارحة ونحن نلبّي نداء الواجب المهني في الميدان لتغطية الاحتفالات بفوز أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد بكرسيّ الرئاسة في قرطاج، البارحة يا من لا تشبهوننا، دفعت أنا بعضًا من زملاء من صحافيي الميدان ضريبة غيّكم وظلالتكم.
هاجمنا وانتقدنا مواطنون ظنّوا أننا امتدادٌ لما أصبح يسمى ظلمًا وبُهتانًا “إعلام عار”، تصنعونه أنتم ونحاسب نحن عليه.
البارحة و نحن نخوض رحلتنا اليومية بكلّ مهنية في الميدان، كُنتُم أنتم وراء كاميرات في استديوهات وثيرة وبعد أن جمّلتم وجوهمكم بمساحيق وزيّنتم أنفسكم و جلستم أمام جمهورٍ تسبّونه فيحسب أننا بعضٌ منكم.
إلى أشباه الصحافيين غير المحايدين
إلى أشباه الصحافيين غير المحايدين العابثين بأخلاقيات المهنة، الضّاربين عرض الحائط بصاحبة الجلالة: البارحة دفعنا نحن صحافيو الميدان ضريبة عدم حيادكم، بل انحيازكم الواضح طوال السنوات الأخيرة لفقاعات سياسية وثقافية تشبهكم.
لو كنّا قد هوجمنا وتمّ الاعتداء علينا ونحن نخوض معاركنا الميدانية اليومية لأسباب أخرى لكنت قبلته وواصلت طريقي في مهنة نظرت لها دومًا أنها مهنة المتاعب وتتحمل بعضًا من الخطر الذي لا يخيفني.
أما وأنا أسمع تلك الكلمات النابية، أما وأنا أتّهم بالعار، عاركم أنتم، فذلك ما لا يسرّ وذلك ما لا أتحمّله.
لسنا أنتم ولا أنا منكم وأتحدّاكم إن كُنتُم يومًا قد نزلتم لهذا الشارع حتى تفقهوا مبعث هذا القهر …
أتحدّاكم وأنتم تنظرون وتجادلون وتحلّلون من وراء شاشات هواتفكم وداخل مقاهي فاخرة..
أتحدّاكم إن أنتم تنفّستم يومًا نفس حرية وانطلاقة وتحدّيات من هاجمونا ليلة البارحة ظنًّا منهم أننا نشبهكم.
أنتم لا نشبهوننا
نحن لا نشبهكم فأنتم في الواجهة مرابطون أمام الكاميرا تطلّون عليهم من وراء شاشة التلفاز .. أما نحن جنود الخفاء مرابطون في كلّ شبر من هذا الوطن، ننقل لكم الصورة على حقيقتها، فتحلّلونها زورًا وبهتانًا وتضيفون عليها بعضًا من نواياكم الشرّيرة.
نحن لا نشبهكم، ففي جُعبتنا أخلاقيات ونواميس وبند أساسيّ هو الحياد وأنتم في جعبتكم كثيرٌ من فتاتٍ تحاولون تطويعه بما يتماشى مع مرضٍ داخليٍّ فيكم أو مصلحةٍ تفرضها عليكم خططٌ تحريريةٌ لرجال سياسةٍ ومالٍ تسلّلوا كالطاعون وسط جسدِ هذه المهنة النبيلة البريئة من خروقاتكم لأخلاقياتها.
البارحة دفعت أنا وكثيرٌ من زملاء ضريبة “السيستام الإعلامي” الذي صنع رأيًا عامًّا تقيّأكم، فظنّ أننا نحن، جنود الميدان، بعضًا منكم.
لسنا بعضًا منكم ولا أنتم جزءٌ منّا
لسنا بعضًا منكم ولا أنتم جزءٌ منّا، نحن الكلّ وأنتم النّشاز، نحن الأصل وأنتم فرعٌ هجينٌ لا يمثّلنا.
ما ساءني يومًا أن أدخل في صراعٍ مع أيّ مواطنٍ لا يفهم طبيعة العمل الإنتاجي الإعلامي وتعرضت للضّرب والسبّ مرارًا و تكرارًا، وكسّروا بعضًا من معدّاتي في كثير من الأحيان. .في أكثر من مناسبةٍ أتعرض وفريقي لعنفٍ لفظيٍّ أو ماديٍّ سيما أثناء القيام بمواضيع استقصائية.. ولكني قليلًا ما اشتكيت ولا أنا أميل للاحتجاج لأنّي أومن أنّ طبيعة العمل الصحافي سيما صحافة الجودة الموجعة، تحتمل تصرّفات البعض بشيء من التشنّج.
الآن، وبعد ما حصل ليلة البارحة، فأنا أحتجّ وأندّد ويسوؤني أنني وبعضًا من زملائي حتى في المنابر التي تنتمون إليها أنتم، دفعنا ضريبة بعض أشخاص غير محايدين لا ينتمون إلينا لكنهم في ذهن الجمهور بعضٌ منّا لأنّ الماكينة الإعلامية الرأسمالية وضعتهم في مقدّمة البلاتوهات لتوهم المتلقّي أنهم خلاصة كلّ المشهد.
نحن لا نشبهكم، ولا نحن أنتم ولا أنتم منا.. أنا في حلّ وكلّ زملائي الشرفاء النزهاء، من ريائكم وغلوّكم.. نحن في حلّ من نفوسكم الشريرة التي أرهقت كاهل الجمهور فظنّ أننا بعضٌ منكم…
أنتم نسخةٌ مزورةٌ ونحن النسخة الأصلية
لسنا منكم ولا أنتم منا ونحن لا ننتمي لذات المعدن، فلكم البلاط ولنا حلبة الميدان..
أنتم بعضٌ وقليلٌ واستثناءٌ وأنتم نسخةٌ مزورةٌ ونحن كلّ ونسخة أصلية.
فخورة أنا بزملاء كثيرين عشتُ معهم حلاوة العمل الميداني، سعيدةٌ أنا بكلّ صحافيّ ساهم في نقل صورة متوازنةٍ رصينةٍ..
فخورةٌ أنا بكثير من زملاء فيهم حتى “كرونيكورات” لديهم قدرٌ كبيرٌ من رصانة التحليل وجمال التناول وتوازن الخطاب.
لدينا في تونس وسائل إعلام عمومية وخاصة نزيهة وهادفة وقليل من وسائل إعلام أخرى صُنعت خصيصًا لتمييع وتتفيه المجتمع وصناعة فقاعات بشرية سطحية.. و نحن في حلٍّ منها..
أنتم نعاماتُ بلاطٍ لمن يملكون مال الدنيا
لست حزينة لأنّي وفريقي وزملائي هوجمنا ليلة البارحة، فذلك خبزنا اليومي ولكني مستاءة من أشباه إعلاميين ندفع نحن عنهم ضريبة غيّهم، ضريبة شراء ذممهم، ضريبة نفوسهم المريضة المتعالية الطامعة، لا في شرف المهنة، بل في فتات من تملكوا وسائل إعلامنا فتسللوا مثل خلايا السرطان يريدون صناعة خطاب إعلامي سطحي وتافه ومفرغ من مهمته في التثقيف والتصحيح والإصلاح..
إلى أشباه الإعلاميين: لسنا أنتم ولا نشبهكم، فنحن أسود الميدان وأنتم نعامات بلاطٍ لمن يملكون مال الدنيا و لا يملكون شرف المهنة.
نحن منكم براء..