Site icon Barcha News

كيف تفاعل المثقّفون مع انسحاب المرزوقي من الحياة السياسية؟

الرئيس محمد المنصف المرزوقي

مثّلت رسالة الرئيس التونسي الأسبق محمد المنصف المرزوقي مفاجأة حقيقية في الساحة السياسية والإعلامية في تونس خاصة وأنّ المرزوقي يجد كل الاحترام من المثقفين إلا من كان يعمل وفق أجندات أخرى منذ دخل في ائتلاف حكومي مع حركة النهضة وحزب التكتل الديمقراطي.

وتفاعل عديد السياسيين والمثقفين مع رسالة المرزوقي بالانسحاب من الحياة السياسية التي أصبحت ملوّثة بعد أن أصبح أنصاف المثقفين والسياسيين يتطاولون على الرئيس المرزوقي منذ أن كان في قصر قرطاج.

وتحمّل الرئيس الحقوقي ما كان يصله من تجاهل وسفاهة ونعوت لتحوّله إلى “أضحكوة” بين التافهين الذين لم يكن هدفهم إلى الإساءة إلى الرئيس المرزوقي.

ورغم أنهم قالوا عنه ما قالوا فلم يشتكي أحدًا إلى القضاء وهو الرئيس، وهو ما صرّح به أكثر من متابع خلال تولّي المرحوم السبسي رئاسة تونس.

وتفاعل عديد السياسيين من جنس المثقفين مع قرار المرزوقي الانسحاب من الحياة السياسية، ودوّنوا في صفحات التواصل الاجتماعي تقديرا واحتراما للرئيس المرزوقي.

نصرالدين السويلمي: خطاب الـوداع ..

 

هذا أحسن ما قدرنا عليه فمن جاءنا بأحسن منه فهو أولى بالصواب…عن المنصف المرزوقي عن أبي حنيفة النعمان.
ليس المشكل في عدم نجاح الرجل النظيف أو المناضل او المثقف في المنافسات الانتخابية، لا ابدا، فالسياسة لا تشدها المثل المجردة فحسب، بل تشدها التوازنات والمرونة في مواضعها والحزم في لحظته ليس قبل ولا بعد، تشدها الاخلاق مثلما تشدها اللباقة والتقاط النصر واتقاء محطات الهبوط الحاد، ليس المشكل في خروج المرزوقي من الحلبة فدولة الثورة لم تفصّل على قياسه ولا قياس غيره، إنما المشكل كل المشكل في هذا العقل التونسي الرخو القابل للاستعمار المتلفز، الجاهز للهزائم النفسية، المشكل في الكثير من العقول المنخفضة التي ركبتها وسائل الإعلام، ومررت لها فرية السمك فابتلعت بحمق الطُعم الفضيحة، المشكل في هذا اللحم الاحمق الأجوف الذي يستقبل قيء نخب الفتن والغرائز، ثم تراه يهرف في المقاهي وعلى الارصفة وفي الفضاءات، يردد عبارة “الطرطور” المشكل في طوابير الروبوات التي يتحكم فيها ريموت الفهري والقروي وتستعبدها ذبذبات صاحب موزاييك ووكيل شمس وشوليقة الكراي، المشكل في ذلك اللحم الابله الذي يكرر أوراد اعلام العار، حين يأتي لرجل مثقف مناضل مفكر سياسي رئيس ، ويطالب بعرضه على طبيب أمراض نفسية، يغمز ويطلق ضحكة فاجرة بين بين! اقرب الى ضحكات الجنس الثالث، ثم يفتح فمه الأبخر ويشير إلى أول رئيس في تاريخ تونس الحرة “مجنون”، المشكل في هذا الذكر المخنث والانثى الصلعاء البلهاء الذين يأمرهم اعلام العار بالمنكر وينهاهم عن المعروف فيستجيبون بلا مقاومة، بل بلذة الفاجر الذليل.
سيذكر التاريخ أن في تونس من أشادوا بالقصاص فقط لأنه نزع تبانه في قاعة البرلمان وزمجر وأزبد، ثم شنّعوا بمن وقف لبورقيبة ولبن علي ولأزلام بن علي وللثورة المضادة التونسية والأخرى العربية، سيذكر التاريخ ان الرئيس المرزوقي لم يضع يده في يد السيسي رغم كل البروتوكولات الملزمة، سيذكر التاريخ ايضا ان الرئيس العلماني المنصف المرزوقي هو الرئيس الوحيد في العالم بل قد يكون الشخصية السياسية الوحيدة التي بكت الرئيس الشهيد محمد مرسي بحرقة، لقد بكاه كما تبكي الام فقيدها، سيذكر التاريخ ان الرئيس المنصف المرزوقي من دُون قطيع الــ 20 كارثة من محيطها الى خليجها، وحده من اشار إلى عصابة الإمارات، بل سماها بل وصفها بما تستحق..
سيفتقد الطيف الإسلامي كثيرا شخصية علمانية كانت تسبق كل الاسلاميين في ادانة مشانق سفاح القاهرة، في تأبين خبيب مصر الذي لم يمهله مجرم رابعة ليصلي ركعتين كما أمهلت قريش خبيب مكة، في إدانة الانقلاب الأوروامريكي في تركيا، في مناقب كثير اكثر من ان تعد.. لقد خرج المرزوقي بالكثير من الذنوب السياسية، لكنه لم يجترح الكبائر، فلا هو رضخ لابتزاز ثلاثي التشبيح اليساري القومي التجمعي، وهادن لهم سفاح البراميل المتفجرة، ولا ردعته عصابات غلمان زايد الدولية فأمسك عنهم لسانه، ولا لان بين يدي الثورة المضادة في تونس حين اسرجت حميرها وأعلنت النفير العام.
أيها الرجل لا تذهب بعيدا! قد نستدعيك للحرب إذا تجمعت الضباع من جديد، ابق على أهبة الاستعداد…ثم ان الذين ارتكبوا الكبائر آنفة الذكر، يكونون قد خلعوا ربقة الوطنية، وخرجوا من ملة سبعطاش ديسمبر، فلا تقبل توبتهم الثورية ولو صبوا على جلودهم ماء وادي مجردة.. إن رائحة البراميل المتفجرة وانفاس غلام ابو ظبي المخنث، لا تغسلها محيطات العالم.. سيأكل الدود شحومكم وتتحلل اجسادكم في قبورها وتبقى رائحة البراميل تشوبها رائحة المال المنفط، تطوف على رفاتكم تذكرها بالعقيدة الثورية الفاسدة، اما انت ايها الرجل الشجاع، فذنوبك السياسية يجبّها برنصك حين اقتحم عليهم قصورهم، وتواريها رمال الصحراء حين اتيت بها تجرها الى الضاحية الشمالية.. أغدا ترتع إبلنا حول القصر المنيف.

 

عبد الحميد الجلاصي: لم يغادر الدكتور المرزوقي ولكنه انطلق..

 

-1-يمكن أن تتفق مع الدكتور ،ويمكن أن تختلف معه، و لكنك لا يمكن إلا أن تحترمه.
مسيرة عقود من النضال الحقوقي والسياسي ضمن مدار ثابت وضمن أفكار كلية راسخة و خاصة على هدى أرضية ثقافية وقيمية لا تتزعزع.
هو ابن الجنوب المعتز بجنوبيته.
ابن الجنوب التونسي ببرنسه وبطريقته المميزة في نطق حرف “القاف”.
وهو ابن الجنوب الممتد من الضفاف الشمالية للمتوسط إلى أعماق إفريقيا.
ابن القارات الثلاث: إفريقيا و آسيا و أمريكا اللاتينية.
ابن هذا الجنوب الذي يسميه البعض عالما ثالثا.
ابن هذا الجنوب الذي سمّي عالم عدم الإنحياز.
ابن الجنوب الذي يخرج من كسله الحضاري ليصرخ في وجه العالم أنه شريك وليس تابعا، وأن الديموقراطية والتنمية والعدالة والكرامة حقوق وليست منة.
و أن المنزلة الإنسانية واحدة،و إن تعددت تعبيراتها الثقافية ،و التنوع عنوان مساواة و ليس دلالة ترتيب.
هو ابن الجنوب العربي ،شرق المتوسط، يعتز بتاريخه المجيد، و يثور على حاضره التعيس، و يبشر أن “الأقدام العربية ستطأ أرض المريخ”، و يوضح الطريق لذلك.

-2-ورث من الصحراء سعتها ،ومن الجنوب إصراره، ومن مهنة الطب دقة التشخيص،
ومن مهنة التعليم الولع بالبيداغوجيا و التواصل، فكان دائما صاحب رسالة.

-3-عندما كنت شابا يافعاً كنت أتابع ما يكتب في جريدة الرأي كما أقرأ بخشوع كتابات التحرر من التبعية الحضارية والفكرية والسياسية: مالك بن نبي وفرانز فانون و علي شريعتي وغيرهم.
سنة 1994 تابعت من سجني في القصرين “جرأته” لمنازلة الطاغية في الانتخابات الرئاسية، عوض أن يذهب لقرطاج أحيل إلى السجن المدني بتونس، لم يخسر، فقط ادخرت له الأقدار تلك المنزلة.
سنة 2008 زرته أكثر من مرة صحبة سي حمادي الجبالي للحديث حول أوضاع البلاد وتنسيق جهود القوى المناضلة ضد الاستبداد.
تشرفت بالالتقاء به عشرات المرات خلال مرحلة الترويكا، في إطار هيئات التنسيق بين الأحزاب الثلاثة أو في جلسات الرئاسات الثلاث وأحيانا في لقاءات ثنائية آخرها في جويلية 2014 قبل شهرين من الانتخابات و كان حينها شديد على أوضاع البلاد.

-4-السيد الرئيس أخطأ وأصاب ككل البشر، ولكنه حرص أن يكون صادقا كما أن بوصلته كانت دائما ثابتة.
اليوم ينتقل الرئيس إلى آفاق جديدة، لم يغادر موقع معاركه، فقط غير الساحة، عصفور آخر يطير.. وستستفيد تونس والأمة والقضايا الكبرى للإنسانية.
بالتوفيق سيدي الرئيس.

عبد اللطيف العلوي: الرجل الذي أوذي كثيرًا من الأعداء والمقرّبين

المرزوقي رجل أوذِيَ كثيرا من الأعداء، وأوذي أكثر من المقرّبين الّذين نافقوه وكذبوا عليه. كان كلّ شيء حوله يتغيّر، وهم يوهمونه بأنّ الزّمن قد توقّف. دفعوه للخروج من ثقب الباب.
أنا حزين جدّا لأجله، كان رجلا لغير هذا الزّمن.

محمد ضيف الله: الرئيس المرزوقي والديمقراطيات العريقة

حتى وهو ينسحب من الحياة السياسية، يأبى الدكتور المنصف المرزوقي إلا أن يقدم درسا بليغا، واضعا الديمقراطية التونسية على خطى الديمقراطيات العريقة، حيث ينسحب السياسيون عندما يخسرون في الانتخابات. وسيتحول هذا الانسحاب إلى تقليد عندنا ولو بعد حين. وفي انتظار ذلك لقد أحرج المرزوقي سياسيين كثرا مازالوا يحاولون البقاء على الساحة وهم يتلقون الضربة تلو الأخرى، وينهزمون في الانتخابات تلو الأخرى، ولم يبق لهم إلا التشويش على الحياة السياسية السليمة. الرجل بالفعل سابق لزمانه.
وللتذكير هنا فقد كان عرضة لحملات إعلامية شرسة منذ مطلع التسعينات، عودوا للتأكد إلى ورقات “الإعلان” و”كل الناس” و”الحدث” وغيرها، ورماه النظام في السجن وسعى إلى تجويعه ودفعه إلى الهجرة، ولم يصمت، وقد استمرت تلك الحملات نفسها بأشكال أخرى بعد توليه الرئاسة، تسيرها الغرف نفسها اعتمادا على أقلام مأجورة وأفواه نبّاحة.
إلا أن الرئيس المرزوقي يبقى شامخا قامة بالمعنى الحقيقي للكلمة، بصدقه ونظافته ووطنيته وبما كتب وقد كتب ما يعجز عن فهمه معاصروه من السياسيين، دعك من الإعلاميين الذين يعجزون على الإتيان بجملة بدون خطأ.

سيكتب التاريخ أنه كان سابقًا لزمنه وأعمق رؤية ونظرة، وستتحول كتبه إلى منجم للحكم التي تُعلّق في الأماكن العامة وتتردّد على ألسنة شعب من المواطنين.

عبد اللطيف المكي: لا أظنك تفعل..

 

صديقي وأخي الأكبر السيد الرئيس الدكتور المنصف المرزوقي
أعلنت أنك اعتزلت الحياة السياسية ولا أظنك تفعل فالسياسة عندنا نضال وأنت وأمثالك لا يعتزلون النضال إلى آخر رمق في الحياة ما داموا مقتدرين. النضال بالموقف والفكرة والكتابة وأنت سياسي ومثقف ومفكر تشهد لك كتبك العديدة ومحاضراتك الشهيرة في أرجاء العالم والجوائز الدولية التي حصلت عليها .
ربما تقصد اعتزال المناصب الرسمية في الدولة والأحزاب والمنافسة عليها وهذا معقول أما النضال من أجل علاج الوطن والإنسانية من همومها وما أكثرها.
صديقي لقد ناضلت عندما كان للنضال كلفة بدنية و معنوية ومهنية ومالية واخترت التضحية من أجل فكرتك وحلمك واخترت ذلك على حساب حياة رغيدة وهادئة گأستاذ في الطب منذ الثمانينات وهو دليل على النبل وقوة روح الإنتماء لهذا الشعب والإحساس بمسؤولية الكفاح من أجله.
لقد خضت غمار النضال الحقوقي ولما رأيت أنه غير كافٍ لحل مشاكل البلد انتقلت إلى النضال السياسي بكل شجاعة بروح ديمقراطية عالية ترفض الإقصاء.
وعندما قامت الثورة ساهمت يكل ما تستطيع لبناء تونس الجديدة وكانت لك محاسن كثيرة أهملوها ولم يثمنوها كما كانت لك بعض الأخطاء ككل الناس فصخموها فإن لم يجدوها افتعلوها فسامحهم الله.
لا أنسى لك يوما من أيام فيفري 1990 عندما كنتُ أمينا عاما للإتحاد العام التونسي للطلبة عندما قمع نظام بن علي حركة فيفري 90 الطلابية بقيادة الإتحاد وتجنيده لأكثر من 600 طالب وتوجهنا الى عديد الأطراف فخذلونا خوفا من بن علي لكنك استقبلتنا كرئيس للرابطة التونسية لحقوق الإنسان وأصغيت إلينا وأنصفتنا ومواقفك من هذا القبيل كثيرة وعديدة وهي ليست غريبة على مناضل مثلك.
إنك باقٍ والاتحاد العام التونسي للطلبة باقٍ مجللين بالعز والفخار بينما زال من أذاقكما أنواعا من الحصار والتنكيل.
فإلى عطاء جديد ضمن ما حددته لنفسك في بقية مشوارك ودمت في رعاية الله وحفظه.

Views: 0
Exit mobile version