اليوم الثلاثاء 17 ديسمبر 2019 هي الذكرى التاسعة لاندلاع ثورة الحرية والكرامة في مدينة سيدي بوزيد.. وبهذه المناسبة كتب الأستاذ مصباح شنيب تدوينة أكد فيها على أنّ الثورة التونسية متواصلة رغم حقد الحاقدين والماكرين الذين “لم يكن التحرر من ربقة الاستبداد مطلبًا من مطالبهم ولم تكن الكرامة تعني لهم شيئًا”.
وكتب الأستاذ المبدع مصباح شنيب:
ذكرى 17 ديسمبر .. ذكرى انقداح شرارة ثورة
سيتمحل المؤرخون ويقولون بأنها ليست ثورة وانما مجرد انتفاضة. ليكن ماقالوا ..
سيلعنها بعض مصاصي الدماء من الفاسدين بانها لم تكن ثورة وإنما كما يقولون تبخيسا وترذيلا هي “ثورة البرويطة”.
وسيتحجج البعض بحكم صعوبات الانتقال الديمقراطي بأن هذه الثورة لم تغير الأوضاع وسيعلنون سرا وعلانية بأنّ أيام بن علي كانت أكثر رخاء وأكثر انضباطا إلى آخر الحكاية.
سيعبر آخرون عن يأسهم وقنوطهم من الثورة التي أعادت إلى الواجهة رجال بن علي وأن ثورة بهذه المواصفات لا يمكن أن تكون ثورة متناسين عجزهم وقلة حيلتهم بل متناسين كيف هب أغلبهم ينهبون ويعطلون الأشغال ويأتون على الأخضر واليابس برفع مطالب تعجيزية منادين بالتنمية الفورية.
ولعله ذهب في روعهم أنّ الثورة ستقتح أبواب الثروة والرخاء بمجرد الضغط على زرّ ونسوا عمدا – هذه المرة – بأن الثورة مسار ونسق وأنها تحرير وكرامة وإعلاء من إنسانية الإنسان.
وسينكر آخرون أهمية هذه الثورة لمجرد كونها تفجرت في الوسط والجنوب، وأستسمحكم عن عدم التوسع في هذه المزاعم لأني أمقت الفتنة …
الذين يشتمون البوعزيزي ويلعنون “برويطته” لم يكن التحرر من ربقة الاستبداد مطلبا من مطالبهم ولم تكن الكرامة تعني لهم شيئا بل كانوا يريدون أن يتمتعوا وحدهم بالحرية وإلا يقاسمهم إياها الشعب المطرود من رحمتهم ..
يريدون أحزابهم دون سواها .. يريدون الاستئثار بالوطن وساكنته ليكون لهم ريعا خالصا.
لا يريدون الديمقراطية وتزعجهم مفردة العدالة والمساواة.
إن النار التي التهمت جسد البوعزيزي لم تضئ أركان الوطن التونسي فحسب بل أضاءت جغرافيا واسعة وأحدثت مخاضا ثوريا سيظل يتفاعل وسيؤتي أكله بعد حين.
البوعزيزي -رحمه الله- هو التلخيص المركز لهموم شباب تونس وساكنة تونس قاطبة وساكنة الوطن العربي الواسع الذين دمرتهم الخيبات والهزائم وأذلهم الفقر والاستغلال.
نشهد الآن بملء بصائرنا وأبصارنا حراكا تاريخيا سيدرك أهدافه يوما كما نشهد انهيار رموز الاستبداد ومنظوماته وتلك علامات لآتٍ لن يكون شبيها بالماضي البغيض.
المناوئون للثورة يسعون في محاولة يائسة الإمساك بذيل تاريخهم الهارب وإعادته إلى صدارة المشهد، لكنه يمعن في التموقع في خانة الهزيمة.
التاريخ -رغم انتكاسته أحيانا- يمضي قدمًا الى الأمـام.
رحم الله البوعزيزي وبرّد ثراه.