نشرت صحيفة “الخليج أونلاين” تقريرًا عن رئيسة الحزب الدستوري الحرّ عبير موسي أكدت فيه أنّها عدوّة الثورة التونسية، وهو تمثل يد الإمارات الطولى في تونس.
وقالت “الخيج أونلاين” في تقريرها: ”
لم تنفك عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر (ليبرالي-17 نائباً من أصل 217)، تُعطل أعمال البرلمان التونسي، الذي بات يعيش حالةً من الشلل والفوضى منذ انطلاق أعماله قبل نحو أربعة أشهر، على خلفية التشويش المستمر على جلساته العامة.
شللٌ أحدثته عبير موسي، سليلة “التجمع الدستوري” المنحل (حزب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي)، بسبب الفوضى والتهريج اللذين أثارتهما خلال نقاشات النواب حول فصول القوانين المعروضة عليهم، وهو ما أعاد الجدل حول تورطها في أجندة للتشويش على الانتقال الديمقراطي وخدمة جهات أجنبية تستهدف المسار الديمقراطي في تونس، وتحديداً دولة الإمارات.
موسي تشلّ البرلمان
موسي لم تنتظر كثيراً لتنفيذ أجنداتها غير المعروفة، إذ حاولت بكل جهدها إعطاء صورةٍ سيئة للبرلمان التونسي الجديد في أوّل أيام عمله، وبدأت في تعطيل نشاطه منذ أول جلسة لأعضائه الجدد، والتي خُصّصت حينها لانتخاب رئيس له، حيث رفضت أداء اليمين الدستورية بشكل جماعي، وانتقدت قيام رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، الذي ترأس الجلسة الأولى للبرلمان باعتباره أكبر النواب سناً، تلاوة القَسَم وطلبه من نواب الشعب ترديده بشكل جماعي من بعده.
وفي الجلسة الثانية، التي خُصصت لانتخاب النائب الثاني لرئيس البرلمان، هاجمت موسي نواب ائتلاف الكرامة (19 نائباً)، ووصفتهم بـ”الدواعش”، وظهرت خلال عملية فرز الأصوات وهي تصرخ وتعربد، وتتهجم على النائب في ائتلاف الكرامة زياد الهاشمي، وخاطبته قائلة: “أنتم إرهابيون ودواعش”.
واصلت “عدوة الثورة”، كما يصفها أغلب التونسيين، رفقة أعضاء كتلتها، عربدتهم داخل البرلمان (أعلى سلطة في البلاد)، واعتصموا داخل مقر مجلس الشعب، وحاولوا اقتحام مكتب رئاسة المجلس، وقد تناقلت وسائل إعلام عالمية صورةً سيئةً لأغطية النواب منتشرة داخل قبة البرلمان، وهو ما أثار ضجّةً كبيرةً.
والمثير للاستغراب أن الإعلام الإماراتي قد رحب باعتصام موسي، ملاحظاً أن رئيسة “الحزب الدستوري الحر” تعمل على “تخليص الوطن من هذه المنظومة التي ركَّعت المواطنين وجوَّعتهم، والتي لم تحسن إدارة شؤون الدولة طيلة تسع سنوات”، بحسب مقال نشره الموقع الإماراتي “إرم نيوز”.
لم تكتفِ موسي وجماعتها بما سبّبته للبرلمان، إذ تواصل تعطيل الجلسات العامة، حيث تم لليوم الثالث تعليق عمل المجلس، بسبب الفوضى التي أحدثوها داخله، حتى إنهم عمدوا في بعض الحالات إلى الضرب على الطاولات والغناء؛ من أجل التشويش على مداخلات زملائهم من النواب.
هذه الممارسات وصفها النائب الثاني لرئيس البرلمان طارق الفتيتي، في تصريحه لـ”الخليج أونلاين”، بالفوضى وبالتصرفات غير الأخلاقية، لافتاً إلى أن ما تفعله موسي من إحداث الفوضى والتهريج يؤكد أن المستوى الأخلاقي لبعض النواب تدنّى كثيراً، وصار من الضروري تعديل النظام الداخلي للبرلمان؛ من أجل ضمان حسن سير الجلسات.
علاقاتٌ مشبوهةٌ مع الإمارات
ما تفعله عبير موسي في البرلمان يتطابق كلياً مع الخطة التي تسعى دولة عُرفت بمعاداتها للثورة التونسية، إلى تنفيذها، من خلال ضرب المسار الانتقالي، وتشويه التجربة الديمقراطية التونسية باعتبارها النموذج الأنجح للربيع العربي، فضلاً عن تعطيل مؤسسات الدولة عن أداء مهامها، وفق تقارير إعلامية واستخباراتية.
يُذكر أنّ سفير الإمارات لدى تونس سبق أن واكب ندوة صحفية لـ”الحزب الدستوري الحرّ” مخصصة لتقديم برنامجيه الاقتصادي والاجتماعي، انعقدت بتاريخ 26 أبريل 2019، وهو ما أثار وقتها جدلاً واسعاً واستياء واستنكار عديد من السياسيين والنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.
كما نُشرت وثيقة مُؤرخة بتاريخ 1 يونيو 2017، متمثلة في جملةٍ من التوجيهات للسياسة الإماراتية بعنوان “الاستراتيجية الإماراتية المقترحة تجاه تونس”، صادرة عن “مركز الإمارات للسياسات”، الذي تأسس سنة 2013، ويُظهر على موقعه الرسمي صوراً لشخصيات من بينها ضاحي خلفان، المعروف بعدائه الشديد للثورات العربية، وقد تضمنت هذه الوثيقة إشارة إلى “الحزب الدستوري الحر” باعتبار أنه “يضم المجموعات التي لا تزال تحافظ على الوفاء للرئيس السابق بن علي”.
وكان رئيس كتلة النهضة بالبرلمان التونسي، نور الدين البحيري، قد اتهم أطرافاً إقليمية ودولية، في إشارة إلى دولة الإمارات، تدعم بعض بقايا النظام السابق؛ من أجل مهاجمة واستهداف “النهضة” والتجربة الديمقراطية التونسية، مشيراً إلى أن “الحزب الدستوري الحرّ من بقايا النظام السابق، وهو في صِدام مع الجميع داخل البرلمان وخارجه”.
وفي أكثر من مناسبة، أعلن “الدستوري الحرّ” ورئيسته عبير موسي، مناهضة ثورة 2011، وجاهر بعدائه المستمر لحركة النهضة، وهي أكثر نقطة تلتقي فيها مع المخطط الإماراتي المعارض للثورات العربية، وفق تأكيد المحلل السياسي بولبابة سالم في تصريحه لـ”الخليج أونلاين”.
ويرى سالم أن القوة التي تتعامل بها موسي مع البرلمانيين، ومع كبار المسؤولين بتونس، وفي مقدمتهم رئيس الدولة قيس سعيّد ورئيس الحكومة إلياس الفخفاخ ورئيس البرلمان راشد الغنوشي الذين رفضت لقاءهم، لا يمكن أن تعتمد فيها على نفسها فقط، أو على موقعها كمعارِضة؛ بل إن أطرافاً أقوى منها تقف وراءها، وهذه الأطراف لا يمكن أن تكون غير الإمارات، التي تسعى إلى إفشال التجربة التونسية، وعرقلة نجاح انتقالها الديمقراطي.
ولفت المحلل السياسي إلى أن بصمة المخطط الإماراتي تبدو جليةً في تصرفات عبير موسي، إذ إنها تعتمد عادةً على الفوضى من أجل ضرب استقرار أي بلد يحاول تطبيق الديمقراطية، على غرار ما حدث في مصر واليمن وليبيا، ولا يمكنها أن تجد فوضوياً أكثر من موسي في تونس.
ترذيل الحياة السياسية
ممارسات عبير موسي الأخيرة التي عطّلت فيها عمل البرلمان، ومنعت توقيع ثلاث اتفاقيات مهمة لتونس، منها التصديق على إحداث منطقة التجارة الحرة الأفريقية، واتفاق النقل الجوي مع قطر، أثارت غضب متابعي الشأن البرلماني، الذين اعتبروها محاولةً لتشويه صورة البرلمان، والإساءة إلى الحياة السياسية في تونس بعد الثورة.
كما أثار حفيظة عددٍ من النواب الذين رفعوا شعار “ديغاج” (مستوحى من شعارات الثورة التونسية يعني “ارحل”)، منددين بعدم احترامها لزملائها النواب، كما اعتبرته الصحفية المتابِعة للشأن البرلماني حياة بن هلال تصرفاً هجيناً عن المسار الديمقراطي في تونس منذ 2011، إذ لم يشهد البرلمان مثل تلك المشاحنات مهما بلغت التجاذبات بين المعارضة والحكومات المتعاقبة.
وشدّدت على أن الفوضى التي تتعمّد موسي إثارتها في كل جلسة تقريباً، من شأنها أن تسهم سلباً في عرقلة المسار الديمقراطي بشكل أو بآخر، خاصة في تنفير المواطن من الحياة السياسية وترذيلها، وترك انطباع سيئ لديه عن السياسة والسياسيين.
من جانبه، يرى المحلل السياسي محمد بوعود أنّ مثل هذه الممارسات التي رافقت عمل البرلمان على امتداد الأشهر القليلة الماضية، صورة مشوّهة عن حقيقة الديمقراطية التي أراد التونسيون تجسيدها، وأنها تعبيرٌ عن تشظي الطبقة السياسية باعتبارها مجموعة من الهواة، الذين دخلوا منعرج السياسة بعد الثورة، وفي مقدمتهم عبير موسي.
ودعا بوعود في تصريحه لـ”الخليج أونلاين”، إلى أن من الضروري طرح ميثاق وطني؛ من أجل تخليق الحياة السياسية، للخروج بالبلاد وبالمشهد السياسي من هذه الصورة المشوهة.