اعتبر الناشط السياسي والدكتور الصحبي بن فرج أنّ التّعتيم على دواء الكلوروكين “فضيحة الفضائح”، وهو “ترقى في نظري إلى جريمة ضد الإنسانية”، بحسب تعبيره في تدوينة نشرها في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.
وجاء في تدوينة الدكتور الصخبي بن فرج:
ماذا في الوقائع والمعطيات الثابتة؟
الكلوروكين دواء قديم جدٌا، مضاد للمالاريا أو حمّى المستنقعات وهو مرض أصاب ويصيب الملايين خاصة في إفريقيا والمناطق الاستوائية، ويتمّ استعماله وقائيًا في حالة السفر إلى هذه المناطق تفاديًا للمرض، ويُستعمل الكلوروكين أيضًا ضد بعض الأمراض المزمنة ذات العلاقة بمنظومة المناعة.
إذًا هو دواء معروف، رخيص الثمن، سهل التصنيع، متداول بكثرة، ومدروس بكثافة عند المجتمع العلمي ومعلوم المفعول والأعراض الجانبية.
بالاعتماد على ما يعلمه الصينيون عن الخصوصيات العلمية لهذا الدواء، تم تجربته في الصين مخبريًا وسريريًا.
وكانت النتائج إيجابية ومشجعة ونُشرت المعطيات الأولية للتجارب المخبرية والسريرية في المجلات العلمية الدولية.
تجاهل ما لا يتمّ تجاهله
اللافت والغريب، أنّ المجتمع العلمي والصحي الدولي بما في ذلك منظمة الصحة العالمية، تجاهل ما توصل إليه الصينيون. والحال أنّ العالم يجابه عدوى تنتشر عبر القارات وتحصد أرواح الآلاف وتقود شعوبا ودولا نحو الإفلاس.
في أحد مستشفيات مرسيليا، وحده البروفيسور رؤول ديدييه، وهو أحد أكبر المختصين في الأمراض الجرثومية في العالم، سارع باستعمال الدواء على عينة من 24 شخصًا.
طبعا، لم ينزل الوحي على السيد راؤول من السماء، هو استند إلى خبرته الشخصية في مجال طب الجرثوميات وما يعرفه عن خصائص الكلوروكين وما نشره الصينيون في الأسابيع الأولى للوباء (وكل هذا لم يكن خافيًا طبعًا عن بقية زملائه في فرنسا وأوروبا فضلًا عن السلطات الصحية والعلمية)
نشر البروفيسور ديدييه نتائج تجربته وملخصها أنّ كمية الفيروس في جسم المرضى انخفضت إلى مستويات شبه منعدمة لدى ثلاثة أرباع المرضى وذلك منذ اليوم السادس وهو ما يعني بكل بساطة:
*أنّ المرضى لم يعودوا ناقلين للعدوى (يعني كسر حلقة انتشار المرض)
*أنّ المرضى تفادوا التعكرات الصحية الحادة وخاصة التنفسية (يعني التقليص في عدد الوفايات وعدد المرضى المحتاجين لآلات التنفس الاصطناعي).
لماذا السخرية والتشكيك في فرنسا؟
منذ نشر النتائج الأولية، كان رد فعل الخبراء والأطباء والباحثين ومسؤولي الصحة في فرنسا، يتلخص في السخرية والتهوين والتشكيك في أعمال البروفيسور رؤول: العينة صغيرة non representstive، الكلوروكين له مضاعفات جانبية خطيرة!!!! (وهو دواء استعمله ملايين الأشخاص خلال الخمسين سنة الماضية)، التجربة لا تستجيب للقواعد العلمية الصارمة، إجرائيًا لا يمكن الاطمئنان لنتائجها، يجب استكمال أسابيع من الدراسات والتدقيقات قبل أيّ تعميم للدواء.
علمًا أنه لا يُعرف للفيروس دواء آخر نافع غير الكلولوكين ( باستثناء بعض مضادات الفيروسات، les antiviraux مثل الRibavirine)، وأنّ المئات يموتون يوميا في فرنسا وإيطاليا وحول العالم وأنّ عشرات الآلاف قد يلحقون بهم خلال أيام.
جشع إلى حدّ الإجرام
لماذا تجاهلت وعتٌمت المحافل العلمية وسلطات الصحة ووسائل الاعلام ما تم نشره في الصين حول الكلوروكين؟، لماذا سخرت من البروفيسور راؤول وحاولت طمس نتائج بحوثه؟، لهذا السؤال جوابان إثنان:
الأول: الحسد، الغيرة وحتى الكره الذي يستهدف البروفيسور راؤول وهو الشخصية العلمية المرموقة في مجاله، المعتدّ بنفسه إلى حدّ الاستعلاء والغرور والذي سيصبح بهذا الاكتشاف نجم المحافل العلمية في فرنسا والعالم والخبير الذي ستستضيفه المنابر الإعلامية الفرنسية والدولية والبطل القومي الذي أنقذ أرواح الآلاف في فرنسا وحول العالم.
الجواب الثاني: هو الجشع وحسابات الربح المالي الذي تصل هنا إلى حدّ الإجرام: هذا الدواء الرخيص، المتداول وسهل التصنيع والاستعمال سيقضي على مصالح اللوبيات الدوائية الضخمة في فرنسا والعالم والتي تتسابق بينها لاستثمار وباء الكورونا لإنتاج أدوية وأمصال وتلاقيح ووسائل وقاية وتجهيزات صحية.. سيحتاجها العالم طيلة سنوات قادمة: “بزنس” ضخم وسوق بآلاف المليارات وأرباح خيالية قد يقضي عليها دواء “حقير” بخس متوفر لدى أغلب دول العالم.
أكثر من ذلك، يبدو أنّ فرقًا علمية مختلفة بصدد تطوير بروتوكول وقائي باستعمال الكلوروكين un protocole préventif (تمامًا مثل الوقاية من المالاريا).
هذا يعني بكل بساطة أنّ هذا الدواء سيقضي لا فقط على الفيروس، وعلى العدوى ولكن أيضًا على بؤر المرض المحتملة في المستقبل (وبالتالي على آلاف المليارات التي كانت ستتوجه إلى لُوبِي الصناعة الصيدلية والصحية العالمي).
صراع متواصل بين الموت والحياة، بين الخير والشر
من بوادر هذا التحول العميق في مسار مواجهة الكورونا أنّ المادة الأولية للكلوروكين أضحت اليوم شبه مفقودة في السوق الدولية، وارتفعت أسعارها بصفة جنونية وذلك بشهادة صاحب مصنع تونسي حاول اقتناءها لتصنيعها في تونس.
هذا هو العالم في زمن الكورونا، صراع متواصل بين الموت والحياة، بين الخير والشر، بين الفضيلة والرذيلة، بين العلم النافع للبشرية ونزعة الاستغلال الفاحش، بين البحث عمّا ينقذ الناس والبحث عن الربح والثروة وإن كان على حساب أرواح الناس.
هذا ما يحدث في العالم، فماذا عن تونس؟.
لماذا لا نستبق ونتصدّر الأبحاث والتجارب السريرية في العالم؟
لماذا لا نعدل سياستنا حسب ما يحدث حولنا؟.
لماذا لا نجرّب مثلًا بروتوكول الأستاذ راؤول الذي يطبقه حاليًا على جميع المرضى في مرسيليا ويتلخص في:
*تحليل سريع لكل المرضى المشتبه بحملهم للفيروس وكل من يتقدم طوعًا إلى المستشفى.
*إذا كان التحليل إيجابيًا (corona positif)، يتمّ مداواة الشخص آليا بالكلوروكين مع الآزيتروميسين لمدة عشرة أيام مع تخطيط للقلب وقياسla charge virale في اليوم الأول وخلال مدّة التّداوي.
لماذا لا نستفيد من التجربة الألمانية الناجحة حيث نسبة الوفيات بالكورونا متدنّية جدًا نتيجة استعمال واسع لدواء الRibavirine مع الAzithromycine؟.
لماذا لا نحرك الإجراءات والقيود المعطّلة لتصنيع هذه الأدوية في تونس؟
لماذا لا نحرك الإجراءات والقيود المعطّلة لتصنيع هذه الأدوية في تونس؟، ملفات تصنيع نائمة في أروقة وزارة الصحة بمفعول الروتين الإداري أو التعطيل المتعمّد؟.
ألا يجب التفكير في توفير مخزون إستراتيجي وطنيّ من هذه الأدوية؟.
يا سادة، دول عديدة حول العالم ومجاميع علمية وسلطات صحية دولية تدرس استبدال سياسات الحظر الصحّي العام (غير المحدودة زمنيًا) بتعميم استعمال الأدوية المضادة للكورونا على نطاق واسع.
ألسنا في حالة حرب؟، ألا يتعلق الأمر بالأمن القومي؟، ألسنا مطالبين بالاستباق؟.
Views: 0