في تدوينة له نشرها في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أكد الدكتور رضا شكندالي، أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية، أنّ تونس بإمكانها الاستفادة من الانهيار التاريخي للأسعار العالمية للنفط وذلك على مستوى الميزان التجاري وقيمة الدينار.
حول الانهيار التاريخي للأسعار العالمية للنفط
أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية رضا شكندالي
الأسعار العالمية للنفط تحدد بمؤشرات. النفط الخام الأمريكي يستعمل عادة كمرجع ( West Texas Intermediate WTI) ويتداول في السوق المالية لنيويورك.
أمّا على المستوى الدولي، فعادة ما يستعمل مؤشر البرنت (Pétrole de la Mer du Nord) كمرجع ومن خلاله تحدد أسعار الخام الأخرى بزيادة أو نقصان حسب نوعية النفط المتداول.
اليوم الأسود في تاريخ السوق المالية لنيويورك
ما حدث يوم الإثنين الموافق ل20 فيفري 2020، اليوم الأسود في تاريخ السوق المالية لنيويورك، يخص السوق الأمريكية ومؤشر WTI، حيث كانت الأسعار العالمية “للنفط الورقي” سالبة، وهو يقع لأول مرة منذ إنشاء مؤشر WTI في أواسط الثمانينات.
ويفسر هذا التهاوي لأسعار واست تكساس بعاملين:
– العامل الأول:
المضاربون الماليون (traders financiers) كانوا قد اشتروا كميات كبيرة من “البترول الورقي” (brut-papier)، وكانوا عازمين على تخزينها قبل حلول آجالها في آخر أفريل، ثمّ تسويقها بأسعار عالية، لكنهم لم يتمكنوا من إيجاد مخازن فارغة.
هذا الاستعداد للدفع من طرف المضاربين يعود إلى أملهم في تحقيق ربح خلال الشهر الموالي حيث أنّ التداول في السوق الأمريكية لشهر جوان 2020 كان بأسعار تتراوح بين 15 و20 دولار.
– العامل الثاني:
منتجو البترول في أمريكا لا يمكنهم تخفيض إنتاجهم من البترول أو غلق آبارهم نظرًا للكلفة العالية لإعادة تشغيل هذه الآبار.
ولكن لم يؤثر هذا الانهيار لمؤشر WTI على أسعار البرنت والتي لا يزال التدول فيه بأسعار تتراوح بين 22 و 25 دولار للبرميل الواحد.
مع العلم أنّ تونس معنيّة في كل البيوعات والشراءات بالبرنت كمرجع أساسي.
على المستوى العالمي، يستهلك العالم 100 مليون برميل في اليوم منهم 56 برميل تستعمل في قطاع النقل. ونظرا لتوقف نشاط قطاع النقل من جراء العزل العام، فقد انخفض الطلب العالمي ب30% في شهر أفريل حسب تقديرات الوكالة العالمية للطاقة، وهو ما لم يحدث في التاريخ الحديث.
علاوة على ذلك، فإنّ فشل اجتماع الأوبيب في بداية مارس أفضى إلى زيادة في الانتاج بــ 2 مليون برميل يوميًا، عوضًا عن التخفيض فيه.
النتيجة أنه وجب تخزين 32 مليون برميل إضافية (فائض الـ 30 مليون برميل المتأتّي من تراجع الطلب مع 2 مليون برميل فائض الإنتاج)، وهو ما أدى إلى امتلاء كل المخازن من صهاريج ومخازن السفن والمخازن الجوفية.
مصلحة تونس من هذا التراجع في الأسعار
في تونس، كمنتجين للنفط، ننتج تقريبا 35 ألف برميل يوميا، وهذا التراجع في أسعار النفط سوف يقلص العوائد المتأتية من تصدير النفط. لكننا نستهلك تقريبا 92 ألف برميل يوميا في الأيام العادية، وبالتالي فإنّ تداعيات انخفاض الأسعار العالية جيدة بالنسبة للميزان التجاري وقيمة الدينار.
ومن ناحية أخرى، فإنّ ميزانية الدولة قد بُنيت على فرضية 65 دولار للبرميل الواحد، وهو ما يعني أنّ الانخفاض في الأسعار العالمية للنفط سوف يكون له تأثير إيجابي على عديد الواجهات.
فعلاوة على تحسّن الميزان التجاري، فإنّ الكلفة المتعلقة بالدعم وهو جيّد لميزانية الدولة حيث كل تراجع بدولار واحد يدرّ على ميزانية الدولة 142 مليار.
Views: 0