لفائدة مَنْ تسيطر الأيديولوجيا الوهمية على عقول جزء من التونسيين؟
Midou
مرة أخرى، تطغى الحسابات الأيديولوجية الوهمية على المصلحة العامة لتونس، وتحرم بلادنا من امتيازات كان سيستفيد بها الشباب أصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة حيث وضعت قطر ما قيمته 250 مليون دولار (700 مليار تونسي) لمساعدة المؤسسات الصغرى وحثّ الشباب على الاستثمار، وهو ما سيعود بالنفع على الاقتصاد والتنمية وتقليص نسبة البطالة.
هناك فئة تقف وراءها الأيديولوجيا المقتية، والوهمية، والتي لن يستفيد منها غير من يريد استغلال تونس وإبقائها دائمًا في حاجة إليه.
عدد من المرضى بالحقد الأيديولوجي الذي يعشش في قلوبهم منذ سبعينيات القرن الماضي، وبالتالي ها هم يعملون على تعطيل كلّ ما له علاقة بتركيا أو قطر، لا لشيء إلا لأنّ علاقة طيبة تربطهما بحركة النهضة.
هؤلاء لا يريدون الخير لتونس، وهم الذين يساهمون بالتالي في الرفع من نسبة البطالة في صفوف الشباب، وذلك برفضهم لعديد الاتفاقيات بين تونس وتركيا وقطر والصين.
الغريب أنّ مثل هذه الاتفاقيات تمّ إمضاؤها بين تونس والإمارات (سماء دبي، ومجموعة بوخاطر) وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وقطر.. ولم نسمع من هؤلاء الرافضة، أيّ نوع من الرفض، فمن يحرّك هؤلاء وقت يشاء، ومن يستفيد من عدم إبرام تونس لاتفايات مع تركيا وقطر.. قطر التي تعتبر المستثمر الثاني في تونس بعد فرنسا.
وحذّر اتحاد الشغل، في بيان له، “من استغلال الظرف لتمرير مشاريع واتفاقيات خارجية معادية لمصالح تونس وترتهن مستقبل الأجيال لصالح اصطفافات وأحلاف أجنبية ويعتبر أيّ خطوة في هذا الاتجاه ستواجه بالرفض الشعبي والتصدّي المدني ولن يتأخّر الاتحاد عن خوض النضالات الضرورية لإسقاطها”.
وقد أكد عديد الخبراء الاقتصاديين أنّ هاتين الاتفاقيتين لا يتضمنان امتيازات خاصة، بل هي امتيازات عادية يتمتع بها جميع المستثمرين.
وأكد الأستاذ أكرم الزريبي أنّ “اتفاقية المقر بين الحكومة التونسية وصندوق قطر للتنمية تتضمن امتيازات عادية جدا، يتمتع بها أغلب المستثمرين الأجانب في تونس منذ عقود من الزمن، وهي امتيازات أقل قيمة مقارنة بما تم منحه لمستثمرين آخرين مثل سماء دبي”.
واستغرب كذلك الدكتور محسن حسن، وزير التجارة الأسبق، الذي تساءل في استنكار: “كيف يتم اعتبار الاتفاقية بيعًا لتونس؟”.
الاتفاقية التونسية القطرية
وكتب الأستاذ عبد الواحد اليحياوي تدوينة، توضيحًا للاتفاقية التونسية القطرية، جاء فيها: “في الاتفاقية التونسية القطرية التي لم يقرأها أحد…
كثير ممن يعارضون أو يدافعون عن الإتفاقية التونسية القطرية لم يطلعوا عليها ولا يعرفون حتى الطرف القطري في الإتفاقية ويخلطون بينه وبين أطراف قطرية أخرى والأسوأ أن ذلك يشمل نوابا تمترسوا خلف موقف سياسي وايديولوجي من قطر لرفض القانون الذي قدمته الحكومة التونسية باعتبار أن كل ما يأتي من قطر شر محض رغم أنها المستثمر الدولي الثاني في تونس بعد فرنسا..
أول الخلط طرف الإتفاقية القطري ليس الجهاز السيادي الاستثماري الذي يستثمر في كل العالم بل هو صندوق قطر للتنمية الذي هو مؤسسة عمومية وقع تأسيسه لمساعدة الدول العربية والدول النامية على تمويل مشاريعها التنموية أي أنه ليس مؤسسة استثمارية ربحية وهو ينشط في إطار سياسات الأمم المتحدة للتنمية باعتباره آلية لدفع التنمية في الدول التي تحتاج إلى تمويلات مالية ومساعدات فنية.
لكلّ هذا لا صحة لآلاف المليارات التي يحلم بها البعض ولا صحة لمخاوف البعض بأن قطر ستشتري تونس ومردّ هذه التصورات الجهل بالاتفاقية وإطلاق مواقف دون الرجوع إليها.
ما لا يعرفه الكثيرون أن هذه الاتفاقية هي لمساعدة تونس وليس لقطر.
أي هدف ربحي وأكثر من ذلك فإن قطر لا تستثمر في تونس بمعنى بعث مشاريع بل أن الحكومة التونسية هي من تقترح على الصندوق القطري مشاريع لتمويلها وهذه التمويلات ستذهب في الغالب إلى المشاريع المتوسطة والصغرى وحتى الاجتماعية ذات فائض القيمة التنموي.
بالنسبة للامتيازات التي يتمتع بها الصندوق القطري فهي عادية للانتصاب بالبلاد التونسية وحتى الإعفاء من الضرائب فهو طبيعي بالنظر للغاية غير الربحية للصندوق.
الناس أعداء ما جهلوا”.
اتفاقية التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات بين تونس وتركيا
بدوره، كتب الخبير الاقتصادي، والوزير السابق محسن حسن تدوينة أوضح فيها “اتفاقية التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات بين تونس وتركيا”، و “اتفاقية مقر بين صندوق قطر للتنمية وتونس”.
وقال الأستاذ محسن حسن: “حول اتفاقية التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات بين تونس وتركيا وتفاقية مقر بين صندوق قطر للتنمية وتونس”.
وأضاف: “تابعت عديد التحاليل والمواقف حول مشروعي القوانين المذكورين والمعروضين على مجلس نواب الشعب للمصادقة بعد الموافقة عليهما من قبل لجنة الحقوق والحريات منذ شهر فيفري الماضي، مواقف حددتها الانتماءات الحزبية والأيديولوجية دون دراسة قانونية واقتصادية علمية تضع مصلحة تونس فوق كل الاعتبارات والولاءات.
بالنسبة لمشروع القانون المتعلق بتشجيع وحماية الاستثمارات بين تونس وتركيا، أود أن أشير إلى ما يلي:
1: تربط تونس وتركيا اتفاقية مماثلة تعود إلى سنة 1991 ويعتبر مشروع القانون المعروض محاولة لتطويرها بما يتماشى والقانون الدولي للاستثمار وكذلك قانون الاستثمار في تونس.
2: لا علاقة لهذه الاتفاقية الثنائية باتفاقية التبادل التجاري الحر المبرمة بين البلدين والتي دعوت إلى تطويرها ومراجعتها بما يمكن من الحدّ من العجز التجاري بين البلدين. لابد من التذكير أيضًا بأن تونس أمضت ما يزيد عن 50 اتفاقية ثنائية مشابهة لنفس الغرض.
3: تعتبر هذه الاتفاقية أحد الحلول لدفع الاستثمار التركي في تونس والحدّ من تأثيرات ارتفاع العجز التجاري بين البلدين وتحويل تونس إلى منصة للصناعة التركية الموجه خاصة للدول الإفريقية.
4: لا تمنح هذه الاتفاقية المستثمرين الأتراك امتيازات استثنائية حيث أنّ قانون الاستثمار التونسي لا يسمح بالتمييز بين المستثمرين الأجانب والمحليين وكذلك المقيمين وغير المقيمين.
5: لا تشمل هذه الاتفاقية العمليات التجارية وكذلك الاستثمارات والمساهمات التي تقل عن 10% من رأسمال الشركات وبالتالي فهي تخص الاستثمارات في القطاعات المنتجة والمشغلة.
6: لا تمسّ هذه الاتفاقية من السيادة الوطنية بأي حال من الأحوال ولا تعطي للمستثمرين الأتراك الحقّ في تملك العقارات إلا بما يسمح به القانون التونسي الحالي والذي يمنع تملك الأجانب للأراضي الفلاحية بصفة قطعية ويسمح بتملك عقارات في المناطق الصناعية ويخضع تملك بقية العقارات لترخيص الوالي.
7: في حال نشوب نزاعات، تنصّ الاتفاقية على اللجوء للتحكيم التجاري، ثم بعد ذلك للقضاء. وهذا التوجه معمول به في جل الاتفاقيات ذات البعد الاقتصادي والمالي الدولي وليس فيه أي مساس بالسيادة الوطنية أو استنقاص من دور القضاء التونسي.
أعتقد أنه من الضروري التحلي بالمسؤولية والعمل على الاستفادة من هذه الاتفاقية لدفع الاستثمارات التركية في تونس بعيدا عن كل توظيف سياسي وإيديولوجي.
في ما يتعلق باتفاقية المقر بين تونس وصندوق قطر للتنمية، يجب الإشارة إلى أنّ جلّ مؤسسات التمويل والتعاون الدولي المنتصبة في تونس أمضت اتفاقيات مماثلة شكلا و مضمونا وتحصلت على نفس الامتيازات المتعلقة بطرق التسيير والانتداب وتحويل المرابيح. ومن هذه المؤسسات الفاعلة، أذكر وكالة التعاون الأمريكية USAID وكذلك الوكالة الألمانية GIZ …
كما تحصلت جل الشركات الخليجية كسماء دبي وكذلك مشروع بوخاطر على نفس الامتيازات المذكورة في نصّ الاتفاقية.
ينتظر أن يساهم الصندوق القطري في تمويل مؤسسات القرض الصغير والمؤسسات المالية بما يمكن من خلق فرص عمل وتوفير التمويلات الضرورية لدفع الاستثمار في المشاريع الصغرى خاصة.
درست بكل تدقيق مشروع هذه الاتفاقية، ولم أجد ما يمسّ سلبًا من سيادتنا المالية أو الاقتصادية، بل بالعكس، أعتقد أنّ بلادنا في أمسّ الحاحة إلى تواجد كل الصناديق السيادية الخليجية في تونس لدفع الاستثمار وتمويل الاقتصاد وتطوير التعاون العربي في هذا المجال.
آن الأوان أن تتنازل الطبقة السياسية عن كبريائها وتقتنص كل الفرص المتاحة لتطوير التعاون الدولي والمساهمة في خلق النمو الاقتصادي الدامج بعيدًا عن الصراعات الوهمية”.
امتيازات عادية جدا
كتب الأستاذ أكرم الزريبي تدوينة حول هذا الموضوع الذي أثار جدلًا واسعًا في تونس، مؤكدًا أنّ “اتفاقية المقر بين الحكومة التونسية وصندوق قطر للتنمية تتضمن امتيازات عادية جدا، يتمتع بها أغلب المستثمرين الأجانب في تونس منذ عقود من الزمن”.
وأضاف الزريبي أنّ “اتفاقية المقر بين الحكومة التونسية وصندوق قطر للتنمية تتضمن امتيازات عادية جدا، يتمتع بها أغلب المستثمرين الأجانب في تونس منذ عقود من الزمن، وهي امتيازات أقل قيمة مقارنة بما تم منحه لمستثمرين آخرين مثل سماء دبي.
واستغرب كيف يتم اعتبار الاتفاقية بيعا لتونس؟ إذا كان فتح الحسابات البنكية بالدينار القابل للتحويل، وأحقية تحويل الأرباح المحققة بالعملة الأجنبية، وحق التملك وحق التقاضي وحق استخدام عمالة أجنبية، تعتبر تنازلا عن السيادة التونسية، فوجب حينئذ إيقاف كل هذه الامتيازات التي تتمتع بها مئات الشركات الأجنبية والعشرات من المستثمرين الأجانب بتونس منذ عشرات السنين.
في المقابل تضمن الاتفاقية السيادة التونسية على مقر الصندوق بتونس، من خلال التنصيص صراحة على أنه لا يمكن أن يلجأ اليه أي شخص (تونسي أو أجنبي) يكون مطلوبا للقضاء التونسي، أي أنه لا يمكن تنظيره بمقرات البعثات الديبلوماسية، كما أن كل العمليات العقارية الداخلية التي يبرمها الصندوق بالبلاد التونسية تبقى خاضعة للنظام الضريبي التونسي ولا يمكن تمتيعها بأيّ إعفاءات (الأداء على القيمة الزائدة العقارية مثلا).
مجالات تدخل الصندوق هي مجالات اقتصادية دأبت الدولة التونسية منذ الثمانينات من القرن الماضي على اعتبارها مجالات مغرية لجلب المستثمرين الأجانب، ويكفي الاطلاع على برامج الوزارات المكلفة بالاستثمار والهيئات والمؤسسات الوطنية ذات العلاقة، منذ عشرات السنين، لنجد أنها تركز على مجالات الطاقة والفلاحة والسكن والسياحة وتكنولوجيا المعلومات.
جيد جدا أن يختلف التونسيون في ترتيب أولويات اقتصادية أو يناقشون اتفاقيات اقتصادية لتحسين شروطها أو توفير أكثر ضمانات لجلب النفع العام للشعب وتحقيق الانتعاشة الاقتصادية…
أما أن يتحول الأمر إلى اصطفاف إيديولوجي مقيت وهيجان أرعن للتشنيع بإجراءات عادية وإخراجها في مظهر الخيانة العظمى كي يرتعد الشعب ويرهب النواب ويلغوا اتفاقية لا لشيء إلا لوجود اسم قطر فيها، ولو كانت مع غيرها لسكتوا، فهذا ليس له سوى عنوان واحد … تصفية الحسابات بين الأعداء الإيديولوجيين على حساب المصلحة الحيوية للشعب”.
اتفاقية المقر بين الحكومة التونسية وصندوق قطر للتنمية تتضمن امتيازات عادية جدا، يتمتع بها أغلب المستثمرين الأجانب في تونس منذ عقود من الزمن، وهي امتيازات أقل قيمة مقارنة بما تم منحه لمستثمرين آخرين مثل سما دبي.
واستغرب كيف يتم اعتبار الاتفاقية بيعا لتونس؟ إذا كان فتح الحسابات البنكية بالدينار القابل للتحويل، واحقية تحويل الأرباح المحققة بالعملة الأجنبية، وحق التملك وحق التقاضي وحق استخدام عمالة اجنبية، تعتبر تنازلا عن السيادة التونسية، فوجب حينئذ إيقاف كل هذه الامتيازات التي تتمتع بها مئات الشركات الأجنبية والعشرات من المستثمرين الأجانب بتونس منذ عشرات السنين.
في المقابل تضمن الاتفاقية السيادة التونسية على مقر الصندوق بتونس، من خلال التنصيص صراحة على أنه لا يمكن أن يلجأ اليه أي شخص (تونسي أو اجنبي) يكون مطلوبا للقضاء التونسي، أي أنه لا يمكن تنظيره بمقرات البعثات الديبلوماسية، كما أن كل العمليات العقارية الداخلية التي يبرمها الصندوق بالبلاد التونسية تبقى خاضعة للنظام الضريبي التونسي ولا يمكن تمتيعها باي إعفاءات(الأداء على القيمة الزائدة العقارية مثلا).
مجالات تدخل الصندوق هي مجالات اقتصادية دأبت الدولة التونسية منذ الثمانينات من القرن الماضي على اعتبارها مجالات مغرية لجلب المستثمرين الأجانب، ويكفي الاطلاع على برامج الوزارات المكلفة بالاستثمار والهيئات والمؤسسات الوطنية ذات العلاقة، منذ عشرات السنين، لنجد أنها تركز على مجالات الطاقة والفلاحة والسكن والسياحة وتكنولوجيا المعلومات.
جيد جدا أن يختلف التونسيون في ترتيب أولويات اقتصادية أو يناقشون اتفاقيات اقتصادية لتحسين شروطها أو توفير أكثر ضمانات لجلب النفع العام للشعب وتحقيق الانتعاشة الاقتصادية… أما أن يتحول الأمر إلى اصطفاف إيديولوجي مقيت وهيجان ارعن للتشنيع بإجراءات عادية وإخراجها في مظهر الخيانة العظمى كي يرتعد الشعب ويرهب النواب ويلغوا اتفاقية لا لشيء إلا لوجود اسم قطر فيها، ولو كانت مع غيرها لسكتوا، فهذا ليس له سوى عنوان واحد … تصفية الحسابات بين الاعداء الإيديولوجيين على حساب المصلحة الحيوية للشعب”.