اليسار المريض بعقدة الطفولية
الأستاذ عبد الواحد اليحياوي
لاحظت على منصات التواصل الاجتماعي يساريين ينشرون المحاكاة الهزيلة والضحلة لسورة من القرآن الكريم من باب الدفاع عن الفتاة المتهمة بالإساءة للدين الإسلامي…وهم بذلك يثبتون للمرة الألف أنهم مازلوا يعانون العصاب الطفولي في علاقتهم بالانتماء الثقافي للتونسيين..
اليسار التونسي لا يريد أن يفهم أنه في اللحظة التي قرر أن يمارس السياسة في نظام ديمقراطي فإن مشروعه للتغيير لن يكون إلا بالتونسيين ولهم وهؤلاء التونسيين ليسوا كائنات هلامية بلاتاريخ ولاهوية وأنّ ثقتهم هي جزء من إحساسهم بأنك منهم ومتضامن مع مشاعرهم.
بقطع النظر عن فكرة المقدس والمدنس التي يمكن أن تكون نسبية، فإنّ العالم الموضوعي المحسوس هو مشاعر الناس فلا شك أن تلك المحاكاة جعلت تونسيين يشعرون بالإهانة والإساءة وهو ما يمثل مسًّا من قواعد العيش المشترك ولو كان هناك تونسيون يقدّسون البقر لكان من حسن تنفيذ العقد الاجتماعي احترام البقر احترامًا لمشاعر أولئك التونسيين.
يسار بائس لم يستفد من جراح الديمقراطية التي تعرض لها بخساراته الانتخابية المذلّة ولم يستفد من إهانة اضطراره للاصطفاف خلف أشخاص أمثال المرحوم الباجي قايد ااسبسي وعبد الكريم الزبيدي بعد أن تأكد أنه مرفوض شعبيًا وأنّ التونسيين سيختارون غريمه الإسلامي.
لم يفهم اليسار أنّ قيم العدالة والتقدم لن تكون مغرية دون تأسيس في ثقافة الشعب الذي يتوجهون إليه وأنّ مراجعات ثقافية على غرار ما وقع في أمريكا اللاتينية أصبحت ضرورية ليستطيع أن ينافس ديمقراطيًا..
مؤسف اليوم ألّا يكون اليسار خيارًا أساسيًا للتونسيين وللشعوب العربية عمومًا رغم وصول النظام النيوليبرالي إلى مأزق نهايته كنظام غير إنساني.
ومؤسف أن يغيب اليسار ليترك مكانه للشعبويين ولليمين المتطرف..
يسار يستفز مشاعر مواطنيه يواصل حفر قبره في انتظار يسار جديد ينحاز لشعبه ثقافيًا كما ينحاز إليه اقتصاديا واجتماعيًا.
Views: 0