Site icon Barcha News

الإمارات تقود الثورة المضادة: لماذا تعتبر الغنوشي عدوّها الأوّل؟

راشد الغنوشي

نشرت صحيفة “الرأي العام” التونسية مقالًا للكاتب الصحفي نصر الدين السويلمي تناول فيه إصرار الصحف والمواقع الإلكترونية الإماراتية على استهداف رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي.

واعتبر السويلمي أنّ إصرار الإمارات على استهداف رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي “لأنّها تدرك أنّه الحاجز الأكبر في طريقها نحو تدمير الثّورة التونسيّة، أو تدرك أنّه يقود الحركة التي تقف حائلًا دون استحواذ غرفة محمّد بن زايد على أسهم سبعّطاش ديسمّبر كما استحوذت على أسهم 25 يناير”.

وهذا مقال الأستاذ نصر الدين السويلمي الذي نشرته صحيفة “الرأي العام”:

إصرار إماراتي عجيب على استهداف الغنّوشي!!!

لا أحد ينكر أنّ الإمارات تقود الثّورة المضادّة في العالم العربي، وأنّها ومنذ أواخر 2012 شرعت في تشكيل غرفة إقليميّة ضخمة في الغرض، وأنّ الغرفة تعمل تحت قيادة محمّد بن زايد بشكل مباشر، هذا الأمر لا تنكره حتى الإمارات بل وتتبجّح به واعتبره ضاحي خلفان بمثابة الفخر أن تقود بلاده عمليّة دكّ الرّبيع (العبري) في مهده أو هكذا قال خلفان.
مباشرة مع سقوط شرعيّة 25 يناير في مصر، وضعت الدّويلة النفطيّة على رأس أجندتها زعيم حركة النّهضة راشد الغنّوشي واعتبرت أنّ الطريق إلى إسقاط سبعّطاش ديسمّبر يمرّ حتما عبره وعبر حركته ثمّ عبر الأنّفاس الثّورية داخل المجالس المنتخبة من تأسيسي 2011 إلى برلمان 2019، وإلا كيف يحتلّ هذا الرجل مساحة رهيبة في الإعلام الإماراتي، كيف يصبح نجم غلافاته وواجهاته وهدفه الشهيّ.

لماذا التركيز على شخص الغنوشي؟

بعد مغادرة المرزوقي دائرة القرار أصبح التركيز كلّه على شخص الغنّوشي وحده، ومن الصعب أن نجد في الإعلام الإماراتي شخصيّة تونسيّة واحدة تتعرّض إلى هجمات إعلام بن زايد أكانت مكثّفة أم عابرة، الاستثناء الوحيد الذي دخل على الخطّ هو ائتلاف الكرامة ورموزه الذين أصبح يتعهّدهم إعلام محمّد بن زايد من الحين للآخر.
هناك أشياء قد نختلف فيها لأنّها تخضع إلى الرأي والاجتهاد، أمّا المعطيات الموثّقة الثّابتة فلا خلاف حولها، فهذا إعلام الإمارات وذاك محرّك البحث، والكلّ يمكنه الوصول إلى الحقيقية المذهلة في دقائق معدودات، فقط يجب أن تتوفّر الرّغبة الصّادقة في البحث عن عدو الثّورة المضادّة الأوّل في تونس بل في المنطقة وطريقة التركيز المهولة عليه.. العقل المجرّد يقود إلى البحث.. والبحث يقود إلى الحقيقة.. والحقيقة تغني عن كلّ الترّهات الجانبيّة.
بالدخول يوم الثلاثاء 12 ماي إلى موقع العين الإماراتي المختصّ في ملاحقة الثّورات العربيّة، وحال كتابة إسم تونس في محرّك البحث ستظهر الخمس مواد الأولى كلّها تحمل صورة الغنّوشي في خبر يتعرّض له أو للنّهضة بالتشويه. وحتى بقيّة المواد الخمس التي يظهرها المحرّك أربع مواد منها تعرّضت إلى النّهضة بشكل أو بآخر.. يبحث الواحد عن تونس، فتأتي النتيجة 9 مواد من 10 تتناول النّهضة وزعيمها بالتشويه.

الغنّوشي يتربّع على عرش أهداف الثّورة المضادّة


عندما نقول إنّ الغنّوشي يتربّع على عرش أهداف الثّورة المضادّة وإن راجماتها كلّها موجّهة لشخصه، نقول ذلك بالأدلّة والبراهين المتاحة للجميع، وليس حديث الرّكبان ولا قول الاستنتاجات ولا حديث ما وراء الورائيّات..
والأكيد أنّ الثّورة المضادّة المدجّجة بالمال والعملاء والخبراء، لا تلاحق الرجل عبثا وتسلية، أو هي أخطأت أهدافها ولاحقت الذي لا يلاحق، هي إذًا آلة إجراميّة كبرى تعرف جيّدا كيف تشقّ طريقها نحو تفكيك سبعّطاش ديسمّبر وتخليص الأمراء والملوك والسّلاطين وحكم النياشين من هذا الكابوس الذي بات يزعجهم ويتهدّد مصير عروشهم.
من المؤكّد أنّ أبو ظبي تستهدف الغنّوشي ليس فقط كسياسي وكفاعل مهمّ في الحفاظ على النبتة الأمّ أو قاعدة الربيع العربي ونواته الصلبة، وإن كان ذلك مدار الحقد ومستودعه ومستقرّه، لكن الرؤية المناكفة للهويّة وللأمّة وقضاياها المحوريّة على رأسها القضيّة الفلسطينيّة، لا يمكن أن تهادن شخصيّة مؤثّرة ومشبعة بالثّقافة العربيّة الإسلاميّة مثل الغنّوشي حتى وإن غادر مربّع الفعل السّياسي بل حتى وإن غادر مربّع الفعل الفكري بل جميع الأفعال، يبقى الهاجس الذي تخشاه أطروحة محمّد بن زايد، تلك التي تبحث عن وطن عربي رخو لا وجوه له ولا وجهاء، حينها سيتسنى لها تفصيل المجتمعات وإعادة توزيعها باستعمال حفنة من المال وعبر الاستنجاد بمراكز نفوذها المنتشرة حول العالم..

سياسة التهرئة الطويلة

من أجل ذلك هي لا تصنّف الغنّوشي ضمن الأهداف العابرة بل ضمن الأهداف الثابتة التي تركّز عليها باستمرار وتعتمد معها سياسة التهرئة الطويلة.
وعلى العقليّة التونسيّة الواعية أن تبتعد عن الأحكام الارتجاليّة المزاجيّة المتشنّجة المبنيّة على تصفية الحسابات ومؤسّسة على الحشو التشويهي، عليها أن تضع شخصيّة مؤثّرة في قيمة زعيم النّهضة تحت مجهرها بدقّة، وتراقب الهجمات من أين تأتي وتفكّك أهدافها ومغازيها، وإذا ما كانت تستهدف الغنّوشي لأنّه راشد الخريجي القابسي الحامي من بني زيد ابن فلانة وشقيق فلان ووالد فلانة! أم أنّها تستهدف في الغنّوشي روح الفعل وقوّة العطاء وتأثيره لصالح أو ضدّ أجندتها،
هل تستهدف الكائن أم الفكرة، اللحم والعظم أم الفعل..

الحاجز الأكبر نحو تدمير الثورة التونسية

وحين يستوي لدينا أنّ الثّورة المضادّة تستهدف الفكرة والتوجّه والقناعات الغنّوشيّة وليس الكائن الغنّوشي، حينها علينا أن نمضي أبعد في التساؤل، هل يمكن لثورة مضادّة أن تستهدف من يساعدها على تكريس أجندتها ومن يسالمها ومن يفتح أمامها المغلق ويذلّل لها المصاعب، هل يمكن لمحمّد بن زايد أن يستهدف دحلان مثلا؟.
هل يمكنه أن يستهدف مرزوق وعبير؟.
هل يمكن أن يستهدف حفتر والسيسي وإعلام السيسي ونخب السيسي؟.
وحين يكون الجواب لا! بل يكون الجواب أبدا..وإطلاقا.. حينها يجب أن نقدّم التوصيفات والتعريفات الواضحة الغير مغموسة بالكره ولا بالإيديولوجيا، علينا أن نجيب ببساطة وبلا “لكونة وجغونة”.
علينا أن نقول بشجاعة ومروءة، علينا التأكيد أنّ الثّورة المضادّة في غرفتها الإقليميّة تصنّف راشد الغنّوشي كخصمها الأوّل لأنّها تدرك أنّه الحاجز الأكبر في طريقها نحو تدمير الثّورة التونسيّة، أو تدرك أنّه يقود الحركة التي تقف حائلا دون استحواذ غرفة محمّد بن زايد على أسهم سبعّطاش ديسمّبر كما استحوذت على أسهم 25 يناير.

Views: 0
Exit mobile version