العبيريّون الجدّد.. لقد عافهم السبسي من قبل!
الأستاذ نصر الدين السويلمي
ما زال البعض ممن يدّعي العقل، يندب قانون العزل ويحبّر فيه المرثيّات، يعتقد ويرغب في أن تعتقد معه العقول التي أنعم الله عليها بالبصيرة أنّ مصيبة تونس وما نعيشه اليوم من مشاهد تهريجيّة تحت قبّة البرّلمان إنّما هي من جرّاء حجب قانون العزل!!
أفلا يبصرون! أفلا يعقلون! أفلا يتدبّرون! أفلا يترجّلون عن سذاجتهم! ليتهم فعلوا.. ولوا فعلوا لأدركوا أنّ الأزلام لا دخل لهم بحكومة الفخفاخ التي يلعب في خاصرتها الدود، وأنّ الذين يعترفون بثلث الدّولة في قرطاج ولا يعترفون بثلثها الآخر في باردو لا دخل لهم بالأزلام، وأنّ الدواب التي ركبها التجمّع في طريق عودته إلى السّلطة سنة 2014 لا دخل لها بالأزلام، وأنّ 90% من “المتريال” المحلّي الذي يستعمله بن زايد منذ 2012 في حربه على الثّورة التونسيّة لا دخل له بالأزلام، وأنّ الذين شدّوا الرّحال إلى سفّاح البراميل المتفجّرة لا دخل لهم بالأزلام، وأنّ الذين نفّذوا 30 ألف إضراب لإسقاط الثّورة لا دخل لهم بالأزلام! وأنّ الذين ذهبوا يباركون جرائم الطليق التشادي زعيم مليشيات طبرق خليفة حفتر لا دخل لهم بالأزلام، وأنّ الذين يقوّدون عند بؤر الثّورة المضادّة ومنصّاتها الإعلاميّة كالعربيّة والحدث والغد وسكاي نيوز لا دخل لهم بالأزلام، وأنّ الذين جلبوا لنا نادية الفاني وأمينة فيمن وكوكتال شمس وأثّثوا معرض العبدليّة لا دخل لهم بالأزلام..
وأنّ الذين طعنوا في أحاديث النّبي الكريم وأحلّوا اللّواط ونفوا حرمة الخمر وطالبوا بالإضراب عن صلاة الجمعة ودعوا إلى يوم القبلات في شارع الثّورة.. لا دخل لهم بالأزلام، وأنّ الذين خاضوا معركة البيان الأول وشارفوا على لعق أحذية الجيش التونسي من أجل إسعافهم بانقلاب يبرّد شوقهم إلى العسكرة، لا دخل لهم بالأزلام، وأنّ الذين يهدّدون تونس بترامب ثمّ بالسيسي ثمّ ببن زايد حتى إذا أفلسوا هدّدوها بمخبول طبرق لا دخل لهم بالأزلام.. وأنّ الذين شمتوا في شعب تونس لمّا خرجوا عليه وقالوا بأنّ الإضراب نجح برّا وبحرا وجوّا لا دخل لهم بالأزلام، وأنّ الذين يحاربون ثورة ديسمّبر من منابر عبد الوهّاب عبد الله ومن منابر نجيب ساويرس ومن منابر محمّد دحلان ومن منابر طحنون بن زايد، لا دخل لهم بالأزلام… لو تعقّلوا لأدركوا أن أزلام الدمار الشامل، أخطر بكثير من أزلام الانتهازية الشاملة.
وحتى تقترب الصّورة باعتماد المقارنة، إنّ الذين دمّروا الثّورة المصريّة وسلّموا قصورها السياديّة المدنيّة إلى الجنرالات لا دخل لهم بالأزلام، إنّما هم كبير اليسار رفعت السعيد وكبير القوميّين حمدين صباحي وكبير الليبراليّين محمّد البرادعي، إنّ الذين جفّفوا النّيل وركعوا تحت أقدام أثيوبيا وباعوا تراب مصر وجزرها وسيادتها، لا دخل لهم بالأزلام، إنّ الذين حوّلوا عيال زايد من سيّاح مبهورين بالقاهرة وشرم الشّيخ وسوسة وجربة إلى أصحاب الحلّ والعقد والسطوة والأمر والنّهي لا دخل لهم بالأزلام، إنّ الذين وصفوا عقبة بن نافع بالسفّاح ومحمّد الفاتح بالغازي لا دخل لهم بالأزلام، إنّ الذين يتمنّون لتونس مصير حلب ولصفاقس مصير الرّقة ويحذّروننا من مصير اسطنبول وكوالالمبور لا دخل لهم بالأزلام…
لا دخل لكلّ أولئك بالأزلام في نسختهم التقليديّة، هم من طينة الأزلام السّامة الفتّاكة، لذلك وجب التنبيه أنّ تحصين الثّورة وتثبيت قانون العزل كان يجب أن يتمّ بتجميع كلّ ذلك الصقيع الأيديولوجي وكلّ تلك الفيروسات الاستئصاليّة وتوزيعها بالعدل والقسطاس بين الرّازي ومنوبة، لأنّ تلك الجيوش من الفيروسات القاتلة هي عبارة عن ذئاب غير منفردة، ذئاب طوّافة تتحرّك في قطعان نهمة للدم، تبحث عن سيّد من الأزلام التقليديّين يقودها نحو المجازر الشّاملة، ذئاب وجدت ضالتها في السبسي! الفخانها واستنكف منها وعافها لمّا اكتشف أنّها فيروسات تتناسل من وبر جمال الضبع المعقّل! جمرة أبو ظبي الخبيثة! واليوم يجدون ضالتهم في عبير، ويبدو أنّهم تخمّروا بالفرح الإجرامي، لأنّهم أيقنوا أنّها لا تنتمي إلى السّلالة السبسيّة، وإنّما هي أقرب في لؤمها إلى السّلالة الحفتريّة…
Views: 0