أشار النائب السابق لحراك تونس الإرادة مبروك الحريزي في تدوينة نشرها في صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” إلى أمور خطيرة جدا كانت تحصل منذ 2011 في مجلس نواب الشعب والتي اعتبرها “مرحلة ترذيل مؤسسة المجلس النيابي منذ المجلس الوطني التأسيسي”.
وقال الحريزي: “خطير وهام جدا ..هذا ما كان يحصل منذ سنة 2011 لو يقرأ التونسيين ويسمعون كل الأطراف سيفهمون كل اللعبة منذ هروب المخلوع يوم 12 جانفي 2011 ..”.
وضمن التدوينة “شهادة عن متن وهوامش وعن الأمن الرئاسي والرئيس… رحلة ترذيل مؤسسة المجلس النيابي انطلقت منذ المجلس الوطني التأسيسي”.
وبدأ النائب السابق بالحديث عن اليوم الأول، فقال: “ابتدأ اليوم الأول بتطويق المجلس الوطني التأسيسي والتظاهر ضده وسحب النائبة سعاد عبد الرحيم من شعرها عند المدخل…
عند دخولي أول يوم للمجلس الوطني التأسيسي استرعت انتباهي فوضى في التنظيم، كان الفضاء امام قاعة الجلسات العامة مكتضا باشخاص لا علاقة لهم بالإدارة أو بالنواب ويلج بعضهم أحيانا الى قاعة الجلسة العامة. الاختلاط يمتد إلى مختلف الممرات حيث يتجول الناس دون ضوابط بما في ذلك داخل المشربة”.
وأضاف: “لذلك أشرت في جلسة عامة سرية إلى مختلف النقائص وعلى ضرورة توفير ظروف عادية لعمل المجلس. احتج الصحفيون آنذاك على وضع حاجز على بعد امتار من قاعة الجلسة العامة بدعوى قمع حرية الصحافة”.
وقال: “كانت توضع على طاولاتنا مجلات وأوراق تأتي من خارج المجلس لأطراف دون أخرى بعضها يتضمن تهجما على نائب أو جهات سياسية.
أتذكر أن مكتب الضبط قام بوضع وثائق و مراسلات للنواب في “كرادن” وألقائها في فضاء مفتوح ليقوم النواب بفرز وثائقهم بدعوى كثرتها.
قمت بلفت النظر والاحتجاج على مظاهر أخرى من العبث، مما جعل نقابة أعوان المجلس تكتب بيانا، أحتفظ بنسخة منه، يطالبني بالاعتذار ويرفضون فيه اتهامهم بالتقصير والتعطيل”.
وأضاف الحريزي: “أتذكر وقفة لأعوان المجلس اكتشفت فيها موظفين وعمالا لا أعرفهم، اتضح أنهم إلى حد أشهر من بدء عمل المجلس كانوا ملحقين بهيئة “تحقيق أهداف الثورة. …” التي أصرت على مواصلة فتح مقرها في انتظار فرض خبرائها للعمل في المجلس كأوصياء عليه في كتابة الدستور ومختلف التشريعات.
أتذكر أن مشروع قانون فرض خبراء يعملون لدى المجلس (عطل لستة أشهر بدأ عمل لجان صياغة الدستور، وكانت أشهر للضغط على النواب).
أتذكر التشويش على “ميكروات” نواب بعينهم والعبث في الأجهزة الإلكترونية للتصويت بسبب الإصرار على تكوين في ألمانيا لعون غير مختص.
أتذكر أن الفنيين كانوا لا يتثبتون في عمل أجهزة ولوحة التصويت إلا عند بداية الجلسة العامة مما تتسبب في إضاعة ساعات، و طبعا كانت “بالصدفة” تكون معطبة عند الجلسات العامة الهامة.
وكان الإعلام حينها جاهزا ليدخلها في خانة اتهام المجلس بالفوضى والارتباك التي ينسبها إلى الثورة.
أتذكر مجموعة من الفتيات بلباس قصير جدا بشكل لافت للانتباه، إضافة إلى أشخاص كانوا يتصلون خاصة بالنواب المستقلين و نواب العريض الشعبية آنذاك عرفت فيما بعد أنها كانت طعما لهؤلاء للسياحة الحزبية التي حدثت والبيع و الشراء.
سألت عديد الإداريين عن كيفية تسيير المجلس في السابق فقيل لي كان يمنع على غير الموظفين العاملين بقاعة الجلسة العامة الاقتراب حتى من محيطها، كان رئيس المجلس فؤاد المبزع حين يقدم، يصطف كل من وجد صدفة بطريقه على جانب الممر لتحيته ثم يمضون لعملهم.
كانت هناك بطاقات بألوان لتمييز الصحفي عن الضيوف وعن الموظفين.
كانت بطاقات النواب تكون جاهزة من أول يوم، بينما ظل نواب التأسيسي يخضغون لأكثر من شهر لعملية التثبت الطويل من الهوية.
قيل لي إن هناك موظفين سامين بالمجلس طلبوا من المستشارين أن لا يقدموا الاستشارة للنواب وأن يقتصروا على كتابة محاضر الجلسات. واستغلوا في ذلك تجربتهم الحديثة بالعمل النيابي.
حين كانت المعركة مع رئيس البرلمان محمد الناصر الذي أراد تمرير قرار غير شرعي ضد منظومة العدالة الانتقالية قمت بالاحتجاج أنا والنائب عماد الدائمي.
كان احتجاجي حادا واقتربت من منصة الرئيس وتبع ذلك بعض الهتاف والنقر على الطاولات من نواب من الكتلة الديمقراطية والجبهة والنهضة، تم استدعاء الأمن الرئاسي فطوّق كامل المنصة.
في اليوم الموالي تواصلت الجلسة لاستكمال التصويت، تم تعزيز القاعة بالأمن الرئاسي وكان هناك عناصر قارة في كل المنافذ المؤدية إلى المنصة وحتى إلى الممر الذي يدخل منه الرئيس.
هذا إجراء عادي وطبيعي ونحن نواب نعرف حدود التعبير عن الموقف الحاد.
كان الأمن يتلقى تعليمات من رؤساء المجالس السابقة في خصوص العمل داخل المجلس وتأمينه و هذا ما ينص عليه النظام الداخلي. وماجرى عليه عرف العمل.
في بلجيكيا مثلا، تؤمن المجلس النيابي الفدرالي فرقة تابعة للجيش بقيادة جنرال ويتلقى أوامر من رئيس المجلس لتأمين المقر وقد حددوا بصفة قارة مسافة بعد بـ 100 متر عن المجلس بالنسبة إلى كل مظاهرة أو وقفة احتجاجية.
في أغلب البرلمانات التي زرناها هناك فضاء لـ”حرمة” العمل النيابي. تبدأ من محيط قاعة الجلسات العامة وتمتد إلى المشرب، كان التفسير أنّ هذا يضمن اتخاذ قرار النائب بالتصويت بعد قيامه بالمشاورات اللازمة في كنف ظروف عادية دون التأثير على قراره من عوامل خارجية ملاصقة ومضايقة، وإضفاء حرمة وهيبة لعمل نواب الشعب.
خارج هذا الفضاء، هناك فضاء مخصص للقاء قوى الضغط ومختلف ممثلي المجتمع والمواطنين والصحفيين. هذا إضافة إلى شروط لهندام النواب في الجلسة العامة و أعراف لتنظيم اللباس خارجها.
في أغلب البرلمانات التي زرناها يمنع التصوير من الشرفات والمنافذ العلوية المطلة على مسرح قاعة الجلسة العامة ويتمّ التحقق في هويّات الناس وتحديد عدد أقصى للحضور في الشرفة ويمنع حمل لافتات أو الكلام أو الحركة الزائدة عن اللزوم تحت أعين الجهة المكلفة بأمن القاعة.
كانت رئاسة المجلس تحاول تقنين ذلك أو فرضه وكانت في المقابل هناك حملات إعلامية أو من بعض النواب لتعزيز الفوضى.
لكن قصة عدم تدخل الأمن الرئاسي في الحالات القصوى هي الأخطر وقد كانت هناك شهادة للوزير غازي الشواشي ومقال للنائب سالم الأبيض تشير إلى دور لرئاسة الجمهورية في تعطيل تدخلهم..
هذا غيض من فيض”.
Views: 1