Site icon Barcha News

قصّةُ كفاحٍ.. ما لا تعرفه عن قلب الأسد بلال العيفة

بلال العيفة.. قصة كفاح

بلال العيفة.. قصة كفاح

من أراد أن يعلم ابنه الرجولة والشهامة والكفاح والعمل بعرق الجبين والنحت على الصخور فيقرأ جيدًا قصة بلال العيفة.

وكيف تحوّل خلال سنة واحدة، من لاعب يزن 105 كلغ، ولا فريق ينشط معه، وعلى أبواب الرحيل مقاطعة الجلد المدور، إلى أبرز لاعبي المنتخب التونسي.

ذلك هو التاريخ بين جانفي 2021، وجانفي 2022، بلال بقي بلالًا، ولكنه تحوّل إلى قلب الأسد وجلب إليه حبّ جميع التونسيين، بمختلف مشاربهم وانتماءاتهم.

 

 

البلبل كما يحلو لي شخصيًا أن أناديه، لأنني أعشق هذا اللاعب الذي لا يبخل قطرة عرق من أجل فريقه، سواء النادي الإفريقي، أو المنتخب التونسي، فهو من اللاعبين الذين لا يقبلوا الهزيمة.

 

للرجولة عنوان..بلال العيفة

 

بلال هو عنوان الرجولة والقوة والقرينة سواء في النادي الإفريقي أو في المنتخب الذي عاد إليه بعد سنوات، ولعب  مباريات بصفة متواصلة خلال شهري ديسمبر 2021 وجانفي 2022.

ولم يشكّ أحد في إمكانياته إلا الذين لا يعرفون طينة الرجل والقلب الذي ينبض في صدره.

في وقتٍ ما، نبذت جماهير النادي الإفريقي بلال العيفة باعتبار أنه لم يعد قادرَا على تقديم الإضافة للأحمر والأبيض، وذلك أولا وأساسًا بسبب الوزن الزائد الذي لا يجعله يظهر جميع إمكانياته وقدراته.

 

 

بلال، كره الكرة، في وقتٍ ما، وخامرته فكرة “تعليق الصباط” مبكرًا، رغم أنه ما يزال يحمل الكثير من العطاء في جرابه.

لم يرض بوضعيته تلك، ولم يرضخ، حيث عاد إلى التمارين، وعزم عزم الرجال على العودة من جديد ليقول البلبل للجميع، ها أنا ذا، مازلت لم أنته، وقادر على تقديم سنوات أخرى من العطاء والتألق.

 

العيفة..الثقة بالنفس

 

آمن العيفة بنفسه في القدرة على العودة قبل أن يؤمن به أي شخصٍ آخر، وكانت وضعية عائلته دافعًا قويًا ليعود وينحت مصيره على الصخور الكلسية.

كان بلال يعرف جيدًا أنّ الأمر ليس سهلًا، ولكنه كان متأكدًا كذلك أن ما سيقوم به ليس مستحيلًا، ولكنه يتطلب عزيمة فولاذية.

 

 

تسلح قلب الأسد بهذه العزيمة الفولاذية، وغادر أحد مراكز الإعداد البدني في إسبانيا، وهناك خاض معركةً حقيقية، هذه العركة مع نفسه، ومع التدريبات القوية جدا التي كان يقوم بها ثلاث مرات يوميا على مدى نحو 40 يومًا.

كما كان يتقلى تغذيةً خاصةً التي كانت ترتكز على الخضر والغلال، بعيدًا عن “الكسكسي”، و”المقرونة”، وغيرها من الأكلات التونسية الشهية، التي لا علاقة لها بالتكوين البدني السليم.

تمكن بلال من خسارة 17 كلغ بعد شهر من التدريبات الشاقة في إسبانيا، ولما أحسّ أنه في الطريق السليم، عاد إلى تونس.

 

بلال العيفة والنادي الإفريقي: قصة عشقٍ

 

كان الوضع سيئًا في النادي الإفريقي، الذي مرّ بأسوأ مرحلة من تاريخ الحافل بالبطلولات والأمجاد، حيث لم يكسب الفريق غير 8 نقاط من 39 ممكنة، وهي كارثة حقيقية كانت ستؤدي بالنادي إلى الدرجة الثانية خاصة وأنه كان ممنوعًا من الانتدابات.

 

 

نادى الجميع بضرورة عودة أبناء النادي القادرين على دعم الشبان فيما تبقى من بطولة الموسم الماضي، ورغم رفض اليونسي التعويل على “كوادر النادي الإفريقي”، فإنّ الأقدار شاءت، أن يعود هؤلاء رغمًا عن الجميع.

عاد إذن بلال العيفة إلى حظيرة النادي الإفريقي، مع بقية زملائه صابر خليفة، وحمزة العقربي، وزهير الذوادي، وسيف الشرفي ومهدي الوذرفي.

لم يقدم بلال العيفة شروطَا للعودة إلى النادي الإفريقي بالرغم من أنه يعرف أن النادي في حاجة إليه، ورغم أنه مدين بأكثر من مليار من المليمات التونسية.

 

 

عاد بلال وهو يعرف جيدًا أنّه وبقية “الكوادر” في مهمةٍ شبه مستحيلة، والنادي الإفريقي يجب أن يحافظ على مكانه في الرابطة المحترفة الأولى.

ولا يستقيم الحال في صورة الانهيار والانحدار إلى الدرجة الثانية، لأن الأحمر والأبيض أكبر من هذا بكثير، بالعراقة لها تاريخ، والتاريخ له عنوان..ولا عنون إلا النادي الإفريقي.

 

بلال العيفة والكوادر وإنقاذ النادي الإفريقي

 

عودة الكوادر، والحمد لله كانت موفقة مع المدرب المتميز منتصر الوحيشي، ومع رئيس يعشق النادي الإفريقي، وهو يوسف العلمي.

وبعودة الكوادر، عاد للنادي الإفريقي بريقه وقوته، فتحسنت النتائج، وتحصل زملاء بلال العيفة خلال 13 لقاء في مرحلة الإياب على 6 انتصارات و7 تعادلات ليجمعوا 25 نقطة ويكونوا بالتالي في المرتبة الثانية بعد الترجي في الإياب.

 

 

وكان بلال العيفة من أبز اللاعبين الذي أعادوا للنادي الإفريقي هيبته، وعاد ذلك الأسد يزمجر كعادته رغم كيد الكائدين، ومنح نقاط المباريات للمنافسين شماتة في النادي الإفريقي، ليس كرهًا فقط، وإنها وهو الأهم، لأنهم يخافون النادي الإفريقي ولا يخافون غيره.

وحده النادي الإفريقي يخيفهم، وينغّض عيشتهم، إنه التاريخ، با بلال، أنت أحد الكوادر الذي أعادوا مجد النادي الإفريقي.

بلال، وبفضل تلك العزيمة، والقوة، والقرينته، كان أكثر اللاعبين الذين يدفعون البقية على بذل ما لا يبذل، ومن يترك قطرة عرق واحدة دون أن تبتلّ بها أرضية الملاعب التونسية،  لن يجد غير الحزم من بلال، الذي يصرخ بأعلى صوته في زملائه: إنه النادي الإفريقي..حاربوا..قاتلوا..

 

بلال..قلب الأسد

 

بلال، هو ذلك الربّان الذي يقود السفينة إلى برّ الأمان، بنفخ في زملائه نفخًا، حتى يتحوّلوا إلى “وحوش” كاسرة، لا تكلّ ولا تملّ، لا في النادي الإفريقي فقط، بل حتى في المنتخب التونسي في “واقعة غاروا” مثلا..إنه القائد الأعلى للقوات المسلحة..إنه الجنرال بلال..

 

 

كتب “ولد الافريقي” في اعتزاز وافتخار، والتعلم من درس بلال: “أمّي مريضة …. وما فمّاش فلوس ….. وبابا كي يهبط للقهوة يسمع العباد شنوة تحكي عليا … كيفاش يضحكو عليا قلبو يوجعو … يسمع يقولو عليا سمين وباش نبطل الكورة …..هو ما حكاليش أما أنا نعرف … أنا ما إنجمش نخلي دارنا في الوضعية هذيكة حطيت في قلبي ووليت نترانا الصباح الثمنية والحداش والثمنية متاع الليل … في شهر ونص نقصت 17 كيلو … ورجعت للمستوى متاعي باش نفرح بابا وأمّي”.

بلال العيفة قلب الأسد … بلال الغلادياتور …
قصة بلال قرّيوها لأولادكم ما نتصوّرش عنا برشة دروس رائعة في العزيمة والڤليّب وبرّ الوالدين كيما درس بلال العيفة …. برافو بلال”.

العيفة..قصة كقاحٍ

 

بلال.. قصة كفاحٍ، ودرس في الحياة، والحياة تعطي لم يعطيها، كما الأرض تمامًا، وقصة بلال العيفة، أو قلب الأسد، كما يحلو لي أن أطلق عليه، يجب أن تدرّس في الكنب، في المدارس لأبنائنا، كما القصص والعبر الأخرى في التاريخ.
ومن أراد أن يتعلم أو أن يعلم ابنه، كيف يعيش في الحياة، وكيف يجلس للحياة معنى، فلا يأس مع الحياة، ألم يقل شاعر الخضراء أبو القاسم الشابي وهو يستنهض همم الرجال لمقاومة المستعمر الفرنسي، وعدم الرضوخ والخوف:
ألا انهض وسرْ في سبيل الحياة
فمن نام لم تنتظره الحياة
خُلقت طليقا كطيف النسيم
وحُرًّا كنور الضحى في سماهفما لك ترضى بذُلِّ القيود
وتًحْنِي لمن كبًّلُوك الجباه
وتقنع بالعيش بين الكهوف
فأين النشيد وأين الأباه
بلال العيفة..القائد الأعلى للقوات المسلحة..قلب الأسد..الجنرال.. إنه شابٌّ يستحق جميع هذه الألقاب، فهل شاهدتهم ولاعبو المنتخب يحتفلون بالانتصار على نيجيريا، من هو أكثرهم فرحًا واحتفالًا، و”شيخةً” في كامل المجموعة..إنه بلال..
رأيناه يبكي، شاهدنا يرقص، ويغني، إنها لحظات تعبيريه لا يعرفها سواه، لأنّ قلبه كان قلب ذلك الأسد، وعزيمة ذلك المقاتل في معركة لن تحسمها غير القوة والعزيمة الفولاذية..
بلال كان أكثرهم فرحًا لأنهم كان أكثرهم شعورًا بالمسؤولية..لأنه ولد هكذا..هل شاهدتموه وه يرفع يديه فرحًا عندما تمّ إقصاء المهاجم النيجيري..
هل تعرفون لماذا..لأنه كان يعتقد ساعتها أنّ الانتصار بات قريبًا، كان يفكر في ذلك، كان “يغلي”..
قلب الأسد، أنت من طينةٍ أخرى، ولهذا فأنا أحبك، لأني أحبّ اللاعبين من نوعيه بلال العيفة، وهم قلائل، أحبّ المحارب، لعبت كرة القدم وكنت كذلك..

فخر النادي الإفريقي وفخر تونس

أذكر أنّ البعض كان لا يعترف بقيمة بلال العيفة قبل عامٍ، لكنني كتب، هنا في مجلتي هذه، أنّي أتمنى أن يكون بلال العيفة أول لاعب يغود إلى النادي الإفريقي لأني أعرف تأثيره وحب للنادي، وللعب الرجولي، وللانتصارات..
هذا هو بلال العيفة، فخر النادي الإفريقي، وفخر تونس..
بلال..قصة رجل لم يعترف بالهزيمة والخنوع والانكسار، لم يترك أي فرصة للضعف يقترب منه، وعاد كالأسد شامخًا..إنه قصة محاربٍ..قصةُ كفاحٍ..
زوروا صفحتنا على “فيسبوك” واشتركوا في “برشة نيوز” ( barchanews)
Views: 0
Exit mobile version