أخبار عربية

الباكالوريا التونسية واللغة الفرنسية ..

في خضمّ احتفال العائلات التونسية بنجاح أبنائها في الدورة الرئيسية لامتحان الباكالوريا 2019، دوّن الأستاذ الهادي بن علي على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” متحدثًا على مكانة اللغة الفرنسية في النظام التربوي التونسي، وبين المثقفين التونسيين الذين تحوّلوا إلى مدافعين عن ضرورة الاهتمام بهذه اللغة، لغة المستعمر، واعتبارها اللغة الأجنبية الأولى.

ورغم المكانة المتميزة في مختلف بقاع العالم للغة الإنجليزية، فإنّ تونس لم تعطها حقها ضمن محتوى النظام التربوي بالرغم من اعتبارها لغة العلم والتكنولوجيا، ولم تجد من يدفع بها حتى تأخذ المشعل عن لغة الشعر والأدب، اللغة الفرنسية.

وكتب التربوي الهادي بن علي، وهو متفقد المدارس الابتدائية التونسية: “لاحقًا سيذكرنا السيد وزير التربية بكمّ عدد الأصفار في الباكلوريا.. لن يذكر عددها في الرياضيات والفيزياء أو العربية والإنقليزية، وإنما في اللغة الفرنسية المبجلة في ديارنا ..وهي كذلك رغم الحظوة والكلفة..”.

اللغة الفرنسية والباكالوريا التونسية

 

يواصل الأستاذ الهادي بن علي تدوينته: “في نظري لم تتدهور اللغة الفرنسية بناءً على افتراض وضع كان أفضل سابقًا .. وهذه من الأوهام التي نستنجد بها وقد تجدها أيضًا حتى عند من لهم صلة عميقة بعالم التربية.. من تحصلوا على أصفارها لم يكونوا سابقًا يقتربون من عتبة الباكالوريا و هذا هو الفارق الجوهري .. ونضيف إلى الصفر جواره ..

– كانت السنة الثانية ابتدائي سنة انطلاق تدريس اللغة الفرنسية في المدارس الابتدائية التونسية، بداية السبعينات .. بعد أمد ولما بدأت تدريسها كانت البداية من الرابعة ثم عدنا إلى الثالثة وجربنا لوقت قصير الثانية.

و لولا الحرج لبدأناها من الأولى وربما القسم التحضيري .. والمدارس الخاصة فعلت كل ذلك ضمن الانتصاب الفوضوي الذي يطغى على المشهد التربوي..”.

مدافعون تونسيون عن اللغة الفرنسية

 

أكد الهادي بن علي أنّ اللغة الفرنسية خلقت بين التونسيين من “هويّة تنتصر للسان الفرنسي وثقافته”، وأضاف: “جرّبنا كل ذلك، ونعيد تجريبه.. وسنعيد تجربته مرات مثلما يحدث مع شخص يدخل يده لجحر ليس مرتين وإنما مرات لا حصر لها.. و يلدغ هذا “المؤمن ” والسعادة لا تفارق محياه.. “ما أضيع اليوم الذي مرّ بي”، على قول أحمد رامي.

– لو أنّ أمر التربية بيدنا لكانت كلفة تدريس اللغة الفرنسية تدفعها فرنسا صاغرة .. هذا إذا رضينا بتدريسها .. لكن الإشكال والاعتراض ليس فرنسيًا فحسب ..فقد تكونت ضمن المجتمع هوية ما تنتصر للسان الفرنسي وثقافته ..هذا إذا لم نقل إنها تنتصر لفرنسا وتتصرف كممثل لها ضمن السياق السياسي والاجتماعي .. أمر لا نلاحظه مع بقية اللغات .. والاكتفاء بالمعطى التاريخي للتبرير لا أراه منصفًا للحقيقة..

– كثيرون مستعدون للوقوف في الصفوف الطويلة المذلّة أمام سفارات العار للحصول على تأشيرة .. هناك من يقدر مداخيل السفارة سنويًا من دراسة ملفات التأشيرة الفرنسية التي قد تأتي وقد لا تأتي بأكثر من 82 مليار سنويًا .. ثم نتساءل لاحقًا عن السعادة التي لا تفارق السفير..”.

7 آلاف صفر في اللغة الفرنسية و5 آلاف صفر في اللغة الإنجليزية

 

بين وزير التربية ناجي جلول خلال فعاليات الندوة الإقليمية حول إصلاحات المنظومة التربوية، في جويلية 2017، أنّ حجم الهنات الكبيرة التي تعاني منها المنظومة التربوية من ضعف في التكوين وسوء برمجة بالإضافة إلى الزمن المدرسي وعدم مجاراته للزمن المدرسي في البلدان الاخرى وتدني المستوى والبنية التحتية من مدارس ومعاهد.

وقام جلول بتقديم بعض الأرقام في حديثه عن تراجع المستوى التعليمي بتونس مبينًا أنّ بعض الدراسات كشفت أن حامل الباكالوريا في تونس تنقصه أربع سنوات تعليم مقارنة بحامل شهادة الباكالوريا في كوريا الجنوبية، وأنّ نسبة الأمية في حدود 18 بالمائة وأنّ حوالي 100 ألف تلميذ ينقطعون سنويًا عن التعليم وأنّ 130 ألف تلميذ يقطعون يوميًا أكثر من 6 كيلومترًا مشيًا على الأقدام .

وقد تم تسجيل 7 آلاف صفر في مادة الفرنسية في امتحانات الباكالوريا بالنسبة لدورة جوان 2015، و5 آلاف صفر في مادة اللغة الإنجليزية.

السفير الفرنسي والوزير التونسي

أذكر أنّ وزير التربية السابق ناجي جلول، ظهر ذات يوم، قبل عامين، ليقول بأنه قرر أن تكون اللغة الإنجليزية هي اللغة الأجنبية الأولى في تونس لأنها لغة العلم والتكنولوجيا.

استبشر كثيرون واعتبروا أنّ النظام التربوي التونسي بدأ يستفيق ويصحح أخطاء لازمته منذ عشرات السنين، ولكن هيهات، لم يكن ذلك غير أضغاث أحلام، كيف لا وقد تحرّك السفير الفرنسي، الذي لم يترك مكانًا في تونس لم يزره، وبقوة، والتقى الوزير التونسي، وتحرك من أسماهم الهادي بن علي، من يحملون “هويّة تنتصر للسان الفرنسي وثقافته” ونصبت أكثر من حصة إذاعية وتلفزيونية تؤكد لنا أننا لا يمكن لنا العيش دون اللغة الفرنسية.

وزار السفير الفرنسي مدينة صفاقس، وأعلن بعث مدرسة فرنسية جديدة لتدريس الفرنسية..

وخفت صوت الوزير التونسي، ولم نعد نسمع باللغة الإنجليزية كلغة أجنبية أولى في تونس، ..، وعادت اللغة الفرنسية إلى مكانها ومكانتها التي افتقدتها “شفويًا” على لسان وزير التربية التونسي، للحظات فقط.. تلك هي اللغة الفرنسية التي يتحفنا وزير التربية كل عام بعدد الأصفار التي تحصل عليها تلاميذ الباكالوريا في امتحان “اللغة الأمّ”.

Views: 11

Midou

A professional journalist and blogger who has worked in several newspapers and websites

Related Articles

Leave a Reply

Back to top button