منوعات

خواطر مُبدعٍ: رحم الله الباجي وحفظ الله كاميليا

أتحفنا الأستاذ المبدع مصباح شنيب، اليوم، بخاطرة جديدة اختار لها عنوانًا فيه الكثير من الحبكة والتوظيف اللغوي والسياسي، “رحم الله الباجي وحفظ الله كاميليا”.

هكذا عوّدنا “سي مصباح”، السياسي بامتياز هذه الأيام، ولكنه برغم ذلك لم ينس “أصله وفصله”، البداوة والتربية. وهو يؤكد لنا في هذه الخاطرة أنه لا يقدر على الابتعاد عن هاتين “الخصلتيْن” اللتين لهما تأثير كبير في حياته، حتى أنه يقول في خاطرته: “أتسقط أخبارها برا بالعهد الذي أبرمه أجدادي ووفاء للنوق التي في نفسي شيء من طباعها”.

لست أدري لماذا لاتستهويني عبارة “السياسي”، وأخيّر “الأستاذ”، أو “التربوي” أطلقها على “سي مصباح” الذي بدأ خاطرته بالسؤال التالي “ما حال كاميليا في غربتها؟”، ثم هو يجيب فيقول:

عادات أهل البدو في ربوع ورغمّة

من عادة أهلنا البدو في ربوع ورغمّة إذا لاقوا واحدًا من معارفهم أن يسألوه عن حاله وعن حال عياله وحال أنعامه وهو أمر طبيعي لأنّ حال العيال مرتبط بحال الأنعام التي تمثل مصدر رزق في بر أخشب حزيز شديد المحل.
ولأنّي سليل بدو، ويهمّني حال السوائم والأنعام، فقد وبّخت نفسي وقرعتها عن إهمالي السؤال عن ستّ النوق “كاميليا” المهداة إلى رئيس الجمهورية عشية زيارته إلى بن قردان الذي أبلى أهلها البلاء الحسن في صد غزوة الدواعش فكانت الهدية ردًّا للجميل وعنوانًا لكرم أهـلنا في الجنوب.

كاميليا ذات السّوق النحيفة والعنق المديد

 

لقد شغلتني ” كاميليا ” ذات السّوق النحيفة والعنق المديد تقضي ليلها الطويل في أرض غير أرضها وأهل ليسوا بأهلها.. وقاسمتها الغربة كما قاسم أبو فراس الأسير الحمامة التي ناحت بقربه، وقررت إذا اقتربت يومًا من القصر العامر أن أنصت إلى حنينها وأن أتسقط أخبارها برًّا بالعهد الذي أبرمه أجدادي ووفاءً للنوق التي في نفسي شيء من طباعها.
وتراودني شكوك سود بأنّ أعوان القصر قد ضجروا من رغائها وبعرها وبولها “لا سيما أنهم لا يعتقدون في كونه مصدر علاج لأكثر من مرض “فرموا بها إلى أسود بلفيدير وضباعها وذئابها.

See also  French Senate Adopts a Stricter Immigration Law: What Are the Key Proposals?
خواطر مبدع: أهمية النوق في الجنوب

وقلت في نفسي لو فعلوها فسأشكوهم إلى الأمم المتحدة، وسأطلب تدخلها لإجبار الرئيس على الاستقالة، فنحن في الجنوب المغوار قد لا نثأر لأنفسنا لكننا لا نتهاون في الثأر لمواشينا.

كاميليا، إنّ شقيقاتك يسفحن دموعًا حرّى لغيابك وإنّ شجيرات الصحراء من “باقل وغزدير وعرفش وحماضة ووو “قد ذبلت حزنًا على فراقك فعودي إليهن..

فراق كاميليا

 

كاميليا، إذا قضيت عامًا آخر في الحاضرة، فستفقدين القدرة على الرغاء وتنسين الحنين و”ستقأقئين” برطانة أهل المدن وآنذاك ستقيم الصحراء مأتمًا متواصلًا وستعزف النوق سنفونية الوداع حنينًا يذيب الصخر.
عودي إلينا حتى يتخلص عالمنا من فوضاه، ونضع حدًّا لهذا الخلط الذي رمى بنا في “ستين داهية”.
نحن لم ننح باللائمة على المرحوم العقيد القذافي الذي رافقته ناقته إلى أصقاع الدنيا، فذلك سلوك طبيعي لأن القذافي نشأ على حليب النوق وفي مراح الإبل، فليس ذلك عليه بغريب.
كاميليا – أعزك الله – بعد ذهابك إلى تونس تغيرت الأحوال، ولم يبق شيء على حاله، وأصبح الشمال جنوبًا والجنوب شمالًا. عودي قبل أن يغتالوك، فالجماعة في حاجة إلى الحكم وإلى الاستقرار في الشمال بعيدًا عن داعش وبعيدًا عن حنين الإبل.

Views: 0

Midou

A professional journalist and blogger who has worked in several newspapers and websites

Related Articles

Leave a Reply

Back to top button