زياد العذاري يقدّم استقالته من الأمانة العامة ومن المكتب التنفيذي لحركة النهضة
قال الأمين العام لحركة النهضة زياد العذاري في تدوينة له في صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “قررت التخلي عن كل مسؤولياتي داخل حزب حركة النهضة، وعليه فقد طلبت من الأخ رئيس الحركة ومنذ بداية الأسبوع الفارط التفضل بقبول طلبي هذا وقدمت له استقالتي من الأمانة العامة للحزب ومن المكتب التنفيذي”.
ولم تمرّ هذه التدوينة، واستقالة الأمين العام لحركة النهضة زياد العذاري عادية سواء على مستوى الساحة السياسية، أو في حركة النهضة، والأكيد أن يكون لها تداعيات عميقة بين قيادات الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية الأخيرة.
وجاءت تدوينة زياد العذاري تحت عنوان “توضيح”، وجاء فيه:
تبعًا لما تداولته بعض المواقع الإعلامية فإنه يهمّني أن أوضّح أنني قررت التخلي عن كل مسؤولياتي داخل حزب حركة النهضة، وعليه فقد طلبت من الأخ رئيس الحركة و منذ بداية الأسبوع الفارط التفضل بقبول طلبي هذا وقدمت له استقالتي من الأمانة العامة للحزب ومن المكتب التنفيذي.
وأعلمته أنني غير معنيّ مستقبلًا بأيّ خطة أخرى في قيادة الحزب أو الكتلة أو أيّ مسؤولية في الحكومة القادمة.
أمام تمسّك الأخ رئيس الحركة برفض الاستقالة من الأمانة العامة فإنّني التقيته مجددًا يوم أمس لأشكره على تجديد الثقة في شخصي ولأؤكد له تمسكي بالاستقالة.
رفض لقرارات حزبية
لم يكن القرار سهلا ولكن بعد تفكير عميق أجدني هذه المرة مضطرًا للتخلي عن كل مسؤولية حزبية أو حكومية لأنني غير مرتاح البتّة للمسار الذي أخذته البلاد منذ مدة وبخاصة عدد من القرارات الكبرى للحزب في الفترة الأخيرة.
و بما أنني لم أنجح للأسف في إقناع مؤسسات الحزب في قضايا أراها مصيرية وفي لحظة مفصلية بتفادي خيارات لا أراها (باجتهادي البسيط) جيدة للبلاد، كما لم أقتنع من جهتي بخيارات أخذتها مؤسسات الحزب (آخرها كان ملف تشكيل الحكومة القادمة) أرى أنها لا ترتقي إلى انتظارات التونسيين ولا إلى مستوى الرسالة التي عبروا عنها في الانتخابات الأخيرة.
بل أنني أحسّ وكأننا بصدد استعادة نفس أخطاء الماضي.
كنت ولا أزال أعتقد أنّ الحكومة القادمة ربما تكون الفرصة الأخيرة للبلاد، لم يعد لدينا هامش خطأ، “الغلطة بفلقة” كما يقول المثل.
و كنت أيضا ولا أزال أعتقد أن الحكومة القادمة يجب أن تكون حكومة إصلاح و إنجاز نتعظ فيها من أخطاء الماضي، لا مكان فيها لا للمحاصصة ولا للهواية ولها معرفة دقيقة بالملفات وبتحديات البلاد وأولوياتها لتنكب مباشرة على العمل لتحقيق نتائج ملموسة بأسرع نسق ممكن.
رأيي ليس من رأيكم
عبرت عن موقفي بكل وضوح لرئيس الحركة وفي الاجتماعات الأخيرة للمكتب التنفيذي ومجلس الشورى: كنت أرى أن حصول النهضة على رئاسة البرلمان يقتضي الذهاب في الحكومة إلى شخصية انفتاح مستقلة مشهود لها بأعلى درجات الكفاءة والنزاهة والجرأة تطمئن و تجمع أوسع طيف ممكن من التونسيين وتكون قادرة على استعادة الثقة في الداخل وتعزيز إشعاع تونس في الخارج.
ذهب مجلس الشورى فيما قدره أصلح. احترمنا القرار وانضبطنا له احترامًا للمؤسسات ولتقاليد العمل الجماعي ولكن أجدني شخصيًا في النهاية عاجزا على المواصلة في ظلّ مسار (أرى شخصيًا).
تونس على سكّة محفوفة بالمخاطر
إنه يضعنا اليوم ويضع البلاد على سكّة محفوفة بالمخاطر لا نعرف تداعياتها وكلفتها على البلاد.
كنت دائما ملتزما ومنضبطا لخيارات الحزب، مهما اختلفت معها (وقد حصل هذا في مرات عديدة وعبّرت عن رأيي داخل مؤسسات الحزب بكل حرية)، و ذلك لإيماني بأنّ العمل الجماعي يبنى على التضامن والانضباط، و لست في وارد أن أزايد على أبناء الحزب أو على غيرهم في الوطنية أو حسّ المسؤولية أو حسن التقدير والتدبير.
ولكن أجدني شخصيًا في النهاية عاجزا حقيقة على أن أواصل المشوار وتحمّل أيّ خطة حزبية أو حكومية في مثل هذه الظروف.
مع هذا أملي أن ننجح كتونسيين في تدارك الأمر و أن نغلّب جميعا روح المسؤولية بعيدا عن الحسابات الصغيرة والمصالح الضيقة وخاصة بالنظر إلى دقة المرحلة وحجم التحدّيات.
أتوجه مجددا بالشكر لرئيس الحركة على ثقته طيلة كل هذه السنوات.
العجز يعني ردّ الأمانة إلى أصحابها
لقد تشرفت بالعمل معه عن قرب وتعلمت منه الكثير، وأتمنى له ولكل من عملت معهم في قيادة الحزب كل التوفيق والنجاح لما فيه خير تونس.
فيما يخصّني أتعهد أن أبذل قصارى جهدي للحفاظ على ثقة الناخبين وأمانة التكليف كعضو مجلس نواب الشعب، فإن عجزت عن ذلك فسأردّ الأمانة إلى أصحابها.
و ربّي يحفظ بلادنا ويدل سياسييها وكل مسؤوليها ومواطنيها إلى ما فيه الخير.