أخبار عربية

“وكأنّك يا غَازِِي ما غَزِيتْ .. و شهد شاهدٌ من أهلها”

“و كأنك يا غازي ما غزيت .. و شهد شاهد من أهلها”

الأستاذة حياة بن يادم

بسقوط حكومة الجملي في جلسة ساحقة فاضحة كاشفة، سقطت معها عديد الأقنعة. و اليوم 13 جانفي 2020، يخرج علينا غازي الشواشي القيادي بالتيار الديمقراطي، مؤكدًا على أهمية التنازل والتواضع في هذه المرحلة، معتبرين من الدروس التي تلقّوها خلال المرحلة الماضية، مرجحًا تنازلهم عن الشروط السابقة ومنها التنازل عن الوزارات التي طالبوا بها، والتوافق مع جميع الأطراف بما في ذلك قلب تونس.

تصريح مزلزل لقيادي بارز في التيار، لا أدري إن كانت تصريحاته وترجيحاته ستلقى صدى في المجلس الوطني للحزب، الذي سينعقد الثلاثاء 14 جانفي 2020، للنظر في التمشي الجديد الذي سيلتزم به المكتب السياسي في مشاورات تشكيل الحكومة القادمة.

و بغض النظر عن مخرجات اجتماع المجلس الوطني لحزب التيار المرتقب، فإن تصريح غازي الشواشي و إن دلّ على شيء فإنه يدلّ على مدى الأخطاء القاتلة التي ارتكبها التيار منذ صدور النتائج، و كأنه بتحصله على 21 مقعدا بالبرلمان تملّك مفاتيح القصبة.

إذ أصبح الفاتق الناطق والمحدد لملامح الحكومة، وأصبح يشترط مساءً فتقبل اشتراطاته لتذوب في الصباح. و يرجع باشتراطات أكبر، وحتى جوهر بن مبارك المقرب من التيار والذي لعب دور الوسيط لتقريب وجهات النظر في تشكيل حكومة الجملي، شهد بتنازلات النهضة المتواصل لفائدة التيار بدون نتيجة، وحمّلهم مسؤولية التركيبة الحكومية التي تم الإعلان عنها.

يا غازي،
أتدري مدى خطورة تصريحاتك؟. أخاف عليك من سامية أن تقول لك “احشم على روحك” مثلما قالتها لجوهر.

يا غازي،
أتدري إن كان تصريحكم صحيحًا، فإن الفترة الماضية كان دوركم “حطّان العصا في العجلة”، ومن البداية كنتم طرفًا مع من يأتمر بأوامر الغرف المظلمة، التي تستهدف رأس التجربة التونسية وخاصة رأس حركة النهضة قصد استئصالها من المشهد السياسي على أن تتمّ تصفيتها في مرحلة قادمة.

يا غازي،
صدّعتم رؤوسنا طيلة السنوات الماضية بمقاومة الفساد وعدم التطبيع مع المنظومة القديمة، ومعايرة النهضة في كل مناسبة لتوافقها في 2014 مع نداء تونس، وتأليب القوى الثورية والرأي العام عليها. واليوم اقتنعتم برؤية النهضة في التنازل لمصلحة البلاد، كما قمتم بتفويت عديد الفرص على الوطن للخروج من الأزمة التي تعيشها.

يا غازي،
أتمنى أن يكون كلامك صادقًا وليس مردّه الخوف من إسقاط الحكومة المرتقبة، والتي يترتب عنها إجراءات انتخابات مبكرة، وأنتم القادمون من فواضل القانون الانتخابي، ممّا يجعلكم في حساب عسير مع من انتخبوكم، لأنه في معظمهم انتخبوكم لا لتكونوا في المعارضة بل لتكونوا شركاء في بناء الوطن، حيث قمتم بتفويت فرصة تشكيل حكومة خالية من قلب تونس الذي تصفونه “برمز الفساد”، لكنني يا غازي متأكدة أنه لو قام رئيس الجمهورية بتكليف راشد الغنوشي بتشكيل الحكومة المقبلة لقبلتم لأن “الدّق وصل للدربالة”، وأنّ الكراسي والمناصب قبل الشعارات والمبادئ.

يا غازي،
كلامك هذا جبّ كل كلام التيار المتبجح دوما على الجميع بأنه حزب “المبادئ و مقاومة الفساد”، ليتّضح أنه لا ضرورة لمقاومة الفساد وأنكم تفصلون في سابقة غريبة بين قلب تونس “النظيف” ورئيسها نبيل “الفاسد”. وكلامك هذا يذكرنا بخطاب المخلوع ذات 13 جانفي 2011 عندما قال “غلطوني” .. ها هو التاريخ يعيد نفسه لتصبح الثورة هي التي “غلطتكم”.

يا غازي،
ما صدر عنكم هي شهادة تاريخية تدرس للأجيال القادمة، مفادها أنّ حزبًا يسمى التيار الديمقراطي كان عنوان الثورة في تصريحاته، وكان صرحا فهوى في ممارساته. ولم يبق لي سوى أن أقول لكم “وكأنك يا غازي ما غزيت..وشهد شاهد من أهلها”.

Views: 0

Midou

A professional journalist and blogger who has worked in several newspapers and websites

Related Articles

Leave a Reply

Back to top button