على إثر سماح وزيرة الثقافة للممثلين بتصوير مسلسلاتهم استعدادًا لبثّها خلال شهر رمضان، مثلما تعوّد التونسيون على ذلك، تصاعدت عديد الأصوات المستنكرة السماح لفئة دون غيرها، في وقت تحارب فيه تونس من أجل تجاوز وباء كورونا بإقرار الحجر الصحي العام على التونسيين جميعًا.
وتفاعل التونسيون مع هذا القرار الذي يخالف قانون الحجر الصحي العام، وهو تجاوز، حتى لكأنّ فيروس كورونا يخاف من الممثلين الذين لا صلة لهم بعائلاتهم، ولا يمكن أن تصيبهم العدوى، أو أنهم سيبقون في معسكر خاص حتى يُنهوا هذه المسلسلات التي لا يمكن للتونسيين أن يمرّ عليهم شهر رمضان الكريم دون “أولاد مفيدة”، أو “دنيا أخرى”، أو “الهربة”..
ووجّه عدد من التونسيين عريضة إلى رئيس الجمهورية يطالبونه بالتدخل للتراجع عن قرار وزيرة الثقافة بعد أن تمّ تجاوز قانون الحجر الصحي دون أيّ موجب.
وهذه الرسالة التي هي عبارة عن عريضة ممضاة من عدد من التونسيين:
عريضة موجهة لسيادة رئيس الجمهورية
بعد التحية التي تليق بمقامكم، اسمحوا لنا سيدي بوصفكم المسؤول الأول عن احترام الدستور أن نوجه عنايتكم إلى أن رئيس الحكومة قد أصدر” تعليمات” إلى وزيرة الثقافة بمخالفة مبدأ تساوي المواطنين أمام القانون( تمييز إيجابي لفئة معينة للتمتع بخدمات صحية دون أي موجب)، وأحيط سيادتكم علما أن وزارة الصحة متضامنة في المسؤولية السياسية والأخلاقية عن هذا الخرق للدستور الذي قد يكون سببا في ظهور بؤر وبائية جديدة وزيادة سلاسل العدوى الممكنة.
سيدي الرئيس، لقد رفعنا إليكم هذه العريضة لأن النيابة العمومية لا تسطيع التدخل، لأنه “مبدأ الشرعية يمنع المؤاخذة دون وجود نص سابق”، وهو ما يعني أن قرار وزارة الثقافة ( بتواطؤ من وزارة الصحة) بتمتيع الفرق العاملة في الأعمال الدرامية بـ “التحليل المخبري” دون أيّ موجب صحي، والسماح لهم بخرق الحجر الصحي العام لا يمكن مواجهته إلا بقرار سياسي.
سيدي الرئيس، لقد انتخبكم التونسيون لثقتهم في انحيازكم المطلق لمن هم أسفل ومن لا لوبيات لهم، وهو ما يجعلهم يأملون في تدخلكم – بما لكم من سلطة اعتبارية ومن نفوذ معنوي- لحمل رئيس الحكومة على التراجع عن قرار لا يعكس إلا قوة اللوبيات وتواصل سياسة المكيالين في التعامل مع مختلف فئات المجتمع.
ختامًا، في انتظار تدخلكم في هذه المسألة التي هي أقرب إلى فضيحة دولة، تقبلوا سيدي فائق عبارات التقدير والاحترام.
الامضاءات
عادل بن عبد الله، مواطن تونسي
الممثل عاطف بن حسين: قرار تصوير مسلسلات رمضان خيانة عظمى
وتفاعل الممثل عاطف بن حسين مع قرار السماح بالتصوير واعتبره “خيانة عظمى للشعب وللفنان التونسي”.
ودوّن في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”:”
أقسم أمام كل الأصدقاء وأمام التاريخ وأمام كل الفنانين الشرفاء وأمام الشعب، أنّي سأخوض معركتي ضد الإعلام المافيوزي السارق والمنحط إلى آخر نفس في حياتي، كلفني ذلك ما كلفني..
ولن أسمح بإرسال الممثلين والتقنيين إلى الموت إرضاء لهذه المافيا التعيسة والتي تعيش آخر أيامها…
إنّ الترخيص لهم لاستكمال مسلسلاتهم في ظلّ هذه الكارثة العالمية هو تمامًا كالذي بعث بشبابنا إلى سوريا.. إلى الموت..
أدعو كل الزملاء الشرفاء إلى التزام بيوتهم والحفاظ على صحتهم وصحة عائلاتهم.. فكلنا نمرّ بأزمة وفي كل الحالات لن تنالوا حقوقكم كالعادة.. ولن تحلّ أزمتكم باستكمال التصوير..
سيدي رئيس الحكومة، طالبنا وكدنا نخرج إلى الشارع حتى نتحصل على تفويض من مجلس النواب وأوّل ما جادت به أفكاركم و قوانينكم وأول الأمور التي حازت في نفسكم هو استكمال مسلسلات رمضان لتسلية الشعب..
هل هذا مبرّر يجعلكم تتناقضون مع قراراتكم وقوانينكم، حتى تبعثوا بعشرات الممثلين والتقنيين إلى الموت؟؟.
أولم تقل سيدي الكريم، أن لا أحد فوق رأسه ريشة.. أم أنّ مافيا الإعلام فوق الدولة؟؟؟.
خسارة حقيقية..”.
رسالة مفتوحة لوزيرة الثقافة
وكان عاد بن عبدالله وجّه رسالة غلى وزير ة الثقافة جاء فيها: “في الوقت الذي تتنادى فيه كل الجهات الرسمية بالتزام الحجر الصحي، يخرج علينا قراركم العبثي بالترخيص لتصوير مسلسلات رمضان وكأن الشعب التونسي تجاوز مرحلة الخطر فلا ينقصه الا ” الترفيه”، أو كأن لوبيات “الثقافة” مستثناة من الحجر الصحي العام أو كأن أعمالها الدرامية جزء من استراجيات محاربة الكورونا.
ما معنى أن تسمح وزارة الثقافة بتصوير مسلسلات رمضان؟
هل يعني ذلك أن الممثلين وكل الطاقم الفني للمسلسلات لهم اتفاقية عدم اعتداء مع فيروس كورونا؟ هل يعني ذلك أن الممثلين ومن يشارك في الأعمال الدرامية ليس لهم عائلات وجيران يمكن أن تنتقل إليهم العدوى لا قدّر الله؟ هل تحتاج تونس الان الى” ترفيه” المواطن أم تحتاج إلى حمايته مهما كانت صفته؟
سيدتي الوزيرة، إن شعبنا يعيش معركة وجود ضد فيروس الكورونا، ولا نظن أن أعمالكم الدرامية ستكون سلاحا ضد هذا الوباء، بل هي قنبلة موقوتة ستساهم في تواصل سلاسل العدوى وقد يدفع الشعب التونسي غاليا ثمن قراركم الرعواني الذي نرجو مراجعته.
ملاحظة:
تبرير الوزيرة لقرارها بتوفر كل شروط الحماية لطواقم الاعمال الفنية( ومنها التزامهم بالبقاء طيلة الأعمال في مواقعهم وعدم مخالطة عائلاتهم، وكأنه ليست هناك مواقع تصوير خارجية تُعرّض حياة المواطنين للخطر ) هو تبرير لا يختلف في شيء عن التعويل على وعي المواطنين الذي يكاد يوصلنا إلى كارثة..”.
بلاغ توضيحي من وزارة الثقافة
تبعا للبلاغ الصادر بتاريخ 08/04/2020 والمتعلق بالاستجابة المشروطة لطلب استئناف انجاز المسلسلات والاعمال التلفزية الرمضانية التي تم الشروع فيها قبل قرار إيقافهاـ يهم وزارة الشؤون الثقافية أن توضح للرأي العام ما يلي:
1- إن قرار تعليق تراخيص التصوير كان قرارا شاملا تم اتخاذه مباشرة بعد إقرار الحجر الصحي العام من منطلق حرص الوزارة التام على سلامة كل التونسيين والتونسيات والعاملين في القطاع وعدم المخاطرة بتعريضهم لأي مكروه.
2- الإعلان عن إمكانية الاستجابة المشروطة لطلب استئناف الأعمال الرمضانية هو اجتهاد مدروس لا يخرج عن مقتضيات الحجر الصحي الشامل والاستثناءات المحدودة التي تستجيب لشروطه ومتطلباته وفق المعايير والقواعد المقررة من الهيئات الصحية ذات النظر، وذلك على غرار الإجراءات المعمول بها في بعض القطاعات الأخرى
3- اتخذت وزارة الشؤون الثقافية هذا القرار بغاية مرافقة العائلات التونسية والأخذ بعين الاعتبار لظروف الحجر الصحي في صورة تواصله الى غاية شهر رمضان، وسعيا إلى التخفيف من وطأته على التونسيين وتحفيزهم على أن يلزموا بيوتهم عبر توفير مادة درامية تلفزية تونسية تجعلهم يعيشون شهر الصيام في ظروف أقرب ما تكون إلى ما اعتادوا عليه من أجواء رمضانية.
4- إن البلاغ الصادر بتاريخ 08/04/2020 تضمن إعلانا بإمكانية قبول مطالب استئناف تصوير جزء يسير من الأعمال الرمضانية التي وقع تصوير أغلبها ولم يتبق منها إلا بعض المشاهد، وهي إمكانية مشروطة بتدابير صحية صارمة اتخذت بالتشاور والتنسيق مع وزارة الصحة ينتج عن مخالفتها إلغاء الترخيص دون تردد والإيقاف الفوري للتصوير، وتحميل المخالفين التبعات القانونية اللازمة.