أخبار عربية

مُرسي كان على حقٍّ، لكنّه لم يكن على صوابٍ

كان مرسي على حقّ، لكنّه لم يكن على صواب

الأستاذ عبد اللطيف العلوي
عشيّة الانقلاب المصريّ، كان مرسي يقف في خطابه الأخير، نافخا صدره، وهو يصرخ في وجه كلّ القوى الّتي اجتمعت للنّيل منه قائلا بكلّ ثبات: “فُوقُوا بقى… البلدْ دي فيها شرعيّهْ!”
وكان الرّجل على حقّ، فقد شهدت مصر خمسة انتخابات فاز فيها الإخوان جميعها، وكانت مؤسّسات الدّولة شبه مكتملة، وكانت مصر تسبقنا في مجال تركيز مؤسّساتها بمراحل.
كلّ ما نقوله وما نظنّه اليوم كان مرسي يقوله أيضا ويطمئنّ إليه اطمئنانا كاملا.
كان الشّعب لا يزال في حالة تحشيد ثوريّ رهيب، ممّا يعني أنّه قادر على الدّفاع على ثورته.
وكانت السّلطة الشّرعيّة تحظى باعتراف العالم كلّه.
وكان الخطاب السّائد لدى المثقّفين والسّياسيّين يجمع على القطع مع الاستبداد ويتغنّى بالحرّية والدّيموقراطيّة.
وكان الجميع يمجّدون الجيش ودوره في حماية الثّورة، ويقولون بمنتهى الاطمئنان “احنا عندنا رجّاله زيّ الدّهب”، ويردّدون أنّ مصر ليست بلد موز، وليست قبيلة إفريقيّة صغيرة يمكن أن ينجح فيها أيّ انقلاب.
كانت هناك حالة من النّشوة العارمة، واليقين بأنّ زمن الانقلابات قد ولّى وانتهى، وأنّ الشّعب المصريّ العظيم سيحمي ثورته بأظافره وأسنانه، وأنّ العسكريّ المصريّ الغلبان، لن يوجّه بندقيّته إلى صدر أخيه، ابن البلد، مهما بلغت الأمور من التّعقيد والانسداد.
الأستاذ عبد اللطيف علوي

كان الرّجل على حقّ، لكنّه لم يكن على صواب!

 

لأنّ الانقلاب وقع، والعسكريّ الغلبان أفرغ سلاحه في صدر أخيه، والعالم المتحضّر الّذي طالما عبّر عن دعمه ومساندته ورغبته في إنجاح الانتقال الدّيموقراطيّ تآمر وساند وموّل الانقلاب، والمثقّفين المتنوّرين الدّيموقراطيّين زوّروا الواقع وسمّوا الانقلاب ثورة ثانية، والشّعب الثّائر الحامي للثّورة ذبح في الميادين على مرأى من العالم. وانتصرت الدّبّابة.
ماهو الخطأ القاتل الّذي ارتكبه الإخوان؟ إنّه ذلك اليقين المتسرّع بأنّ المسار في مصر قد وصل إلى نقطة التّخلّص من جاذبيّة الرّدّة. والوهم الجميل بأنّ العالم سوف يدافع عن الشّرعيّة، نسوا أنّ الدّيموقراطيّة في بلاد العرب تتناقض جوهريّا مع مصالح الغرب، ولذلك فإنّه سوف يحاربها دائما، أو يفرغها تماما من روحها ومحتواها.
ونسوا أنّه صار اليوم مسموحا للحاكم العربيّ أن يبيد شعبه بالكامل، في سبيل المحافظة على وضع الولاء والتّبعيّة الكاملة للمستعمر.

خذوا حذركم!

كلّ تلك الحجج والتّطمينات السّاذجة نسمعها اليوم، كأنّنا لم نعش ما حدث. كأنّ رابعة لم تكن.
قد يرى البعض في كلامي هذا بعض التناقض مع كلام سابق، ربّما لأن السّياسيّ معنيّ دائما بتقديم التّطمينات للنّاس، وقد يحتاج أحيانا إلى أن يوهم العدوّ بأنه ميّت..
أمّا المثقّف، فليست مهمّته طمأنة النّاس. مهمّته أن ينزع الماكياج عن وجه الأفعى القبيحة، حتّى وإن ألقت به لدغتها إلى القبر…
خذوا حذركم!
Views: 0

Midou

A professional journalist and blogger who has worked in several newspapers and websites

Related Articles

Leave a Reply

Back to top button