رياضة

من أجل عقدٍ انتمائيٍّ وائتمانيٍّ جديدٍ.. لنادي باب الجديد!

في النادي الإفريقي، حان الوقتُ للقطع مع الولاءات والاصطفافات وعُفُونات المُناولَة ونُتوناتِ المُضاربة:

من أجل عقد انتمائــيّ وائتمانــيّ جديد … لنادي باب الجديد !

الأستاذ عبد اللطيف الحداد

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ***** ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تجري في مُحيط النادي الإفريقي وكواليسه، وفي حدائقه الأمامية والخلفية معاركُ حاميةُ الوطيس واقتتالٌ أبيضُ لكنه غايةٌ في الشراسة والضراوة بين أطراف وأجنحة وزعماء قبائل وشيوخ حربٍ، إذا أنت مَيَّزْتَهم لم تجد لهم ولا فيهم ما يربطهم بالنادي الذي تُحبّه أنت وتدِين له عدا قضاء المآرب وتدبّر المكاسب والسطو على الغنائم ..
ورغم حقيقتهم المُنكَرَة تلك، فإنهم ذوو الأذرعة الطُّولَى يتحكّمون ويُوجّهون، يحشدون ويُحرّضون، يُشوّهون ويُلبّسون، يُهيمنون ويحسمون المعارك والمهالك على هواهم .. وهذا منذ سنين طوالٍ تعود أوائلُها الحَيِيَّةُ إلى زمن ما قبل الثورة .. أمّا بعد الثورة، فظلّت هذه القُوى الهجينةُ تمتدّ وتتمدّد وتنسابُ وتتلوّى كالأفعى أو الهنديّة أو الثعبان “لا ينفع معها رُقيةٌ ولا حيلةٌ” كما يقول الجاحظ في كتاب الحيوان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لحظةٌ مَفصليّةٌ .. فُرصــةٌ تاريخيّةٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
واليوم، وقد أدرك النادي هذا القاعَ السحيق الذي هو فيه، وخرج من زمن الخيبة [الهزائم الرياضية المتتالية منذ نهاية التسعينات والفشل في التأقلم مع عهود الاحتراف] ليَدخُلَ في زمن النكبة [سقُوطه بيد المافيا وعصابة المُغامرين الذين ذهبوا بتلك الهزائم وذاك الفشل إلى أقصى مدى ممكن: فضيحة 2/2 بلوموباتشي وتحوّل النادي إلى الزبون رقم 1 عند لجنة النزاعات التابعة للاتحاد الدولي لكرة القدم -فيــفا-] ومن يَعُدّني في هذا القول مُغالياً فما عليه إلاّ مُوافاتي بالقائمات المالية للنادي منذ 16 جوان 2012 بما فيها القائمات المعروضة على الجلسة العامة الانتخابية والمُصادَق عليها في 08 أكتوبر 2014 والمعروضة على الجلسة العامة التقييمية المنعقدة يوم 27 جوان 2017 والتي تمّ إسقاطُها من قبل المُنخرطين وانسحاب رئيس النادي تحت صيحات Dégage التي ضجّت بها القاعة.
اليوم إذن، حيث لم يَعُدْ بالإمكان مزيدُ السير على هذه الطريق المسدودة، وترك الساحة خاليةً لهذه الثعابين والأفاعي، أعتقد أنّ انسحاب الهيئة المتخلية بعد أنْ استحال عليها مُواصلة اختطاف الجمعية، والتأهّب لقطيعة تاريخية ونهائية مع هذه المرحلة التي تعرّض فيها النادي إلى أكبر نكبة في تاريخه المائويّ، يُمثّل فرصة نادرة لمراجعة شاملة وإعادة بناء كاملة. وليس المقصودُ بالمراجعة وإعادة البناء السياساتِ الرياضيّةَ ولا الخياراتِ الماليةَ والإداريةَ، بل أقصد ما هو أبعدُ وأعمقُ: مراجعةَ أسس الانتماء إلى النادي وتصحيحَها وإعادةَ صياغة المُشتركات الكليبستيّة طبقا لما قام عليه صرحُ هذا النادي قبل مائة عامٍ من المُثُل المؤسِّسة لوطنيته وروحه الأولمبية وحسّه المُواطني .. ومن مبادئ التضحية والنبالة والضمير ونُكران الذات ونبذ كلّ هويّة بديلة أو عصبية مُوازية للنادي الإفريقي. إنّ أوكد مُهمّة تُطرَح اليوم على كلّ بنات النادي الإفريقي وأبنائه من كلّ الأجيال والفئاتِ والجهاتِ هي صياغة عقدٍ ائتمانيٍّ وانتمائيّ جديدٍ لنادي باب الجديد !
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أركــان العَقْد .. ثوابــتُ العَهْد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا تقوم أركانُ هذا العقد على جديدٍ لا يُعرف، بل يقوم على ثوابتَ وقيمٍ يُراد مُصالحةُ النادي بها، ثوابتَ وقيمٍ هي من صميم نشأتِه وسيرورتِه وانتشاره عبر المكان والزمان على مدى مائة عام. وهذه الثوابت برأيي خمسةٌ:
الأول: لا يُسَلَّمُ النادي الإفريقي إلى رئيس لا يحترم هويّته وتاريخه ويقضي الأعوام في تهجّي اسمِه .. فتنتهي الأعوام ولا ينتهي هو من الاسم.
الثاني: لا يُسَلَّمُ النادي الإفريقي لرئيس يأتيه من حلبة السياسة والأحزاب والصراعات والمعارك الخاسرات، ولا يصل إليه على ظهر دبّابةٍ أو جناح طائرةٍ أو على متن سيارة مُصفَّحَةٍ، أعني لا يُسوِّق لنفسِه ولا يُسوِّقُ الأتباع والأشياع له بركوب الشعبويّات والشعارات والوُعود الزائفات والبترو-دولارات.
الثالث: لا يُسَلَّمُ النادي الإفريقي إلى رئيس ومعه صكٌّ على بياض. لا عُهدة تسييريّة بدون آليات للحَوْكَمَة والرّقابة والتشاركية. لقد وَلَّى عهدُ الوكالة المطلقة والدائمة، وولّى عهدُ الرئيس الذي يكتب قانونَه الأساسيّ على هواه ليُطلق يدَه في مُقدّرات الجمعية وقرارها وحاضرها ومستقبلِها كما يعنّ له أنْ يفعل. النظامُ الأساسيُّ هو مَرْجِعٌ قانونيٌّ يضبط القواعد الثابتة للعبة التداول الدائمة، نظام لا تقوى عليه الأسماء والأهواء، ولا البُعَداء والأقرباء، ولا الحُكماء والأوصياء.
الرابع: لا يُسَلَّمُ النادي الإفريقي إلى رئيس يَعتبر نفسَه “وإن كان الأخير زمانَه *** لآتٍ بما لم يستطعه الأوائل” أعني ليس تسييرُ النادي الإفريقي إدارةً للانتصارات والإنجازات الرياضية الظرفية والخادعة. تسييرُ النادي هو إدارةٌ لمشروعٍ رياضيٍّ يُمثل الرئيسُ الذاهبُ كما الوافدُ وطاقمُ كليهما، مقطعاً رياضيّاً وبعضا من حجارة الصَّرْحِ الذي يُبنَى. كذلك فعلَ كبارُ المؤسّسين ومَن لَحِقَهم بالسّداد والتوفيق وكذلك مَضَوْا إلى آخر الطريق. وما أعنيه بهذه الإدارة أنّ يكون النجاحُ الرياضيُّ ثمرةً للإداريّ والخططيّ والبرامجيّ وليس منطلَقاً وعاملاً مُحدِّداً لها. الرؤساءُ وإداراتُهم هم مَن يَصنعون النجاح، وليس النجاح [وما عاد يهزّو معانا شيء] هو الذي يَصنع الإدارات والرؤساء.
الخامس: لا يُسَلَّمُ النادي الإفريقي إلى رئيس لا يَجمَعُ ولا يُدمِجُ. على مدى تاريخِه، لم ينجحْ النادي إلاّ مع الرؤساء المُؤلّفين كلَّ القلوب بدون استثناء، الدَّامِجين لأزمنته كافةً وقُواه الحيّةِ بدون إقصاء. لا يُمكن للنادي الإفريقي أنْ يتقدّمَ على أيّ طريق بدون تثمين ماضيه ورموزه، وبدون صهر كلّ قواه وديناميكياته في النسيج الأحمر والأبيض من فعاليات مدنية وإليكترونية وڤـروبات وخلايا داخل البلاد وخارجها. وبالنظر إلى تعاظم هذا النسيج، لم يَعُد مقبولا أنْ تنعقد الجلساتُ العامّةُ تقييمية وانتخابية بعدد محدود جدا من المنخرطين لا يزيد عن بُضيْعة مئاتٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هو ذا الحَــــــلُّ .. هو ذا الخــــــلاصُ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هو ذا العَقْدُ الكليبست أو الميثاقُ الجديدُ القديمُ الذي يتوجّب صَوْغُه أو قلْ إعادةُ صَوغِه والتعاقُدُ عليه. هذا هو برأيي البديلُ الصحّ عمّا دأبت عليه قُطعانُ المُتمعّشين وفُلولُ المُقاولين وجُموعُ المُتشعبِطين من حَمْلاتٍ تدسُّ السُمَّ لجماهير النادي في الدَّسِمِ، فتتلاعبُ بمشاعِرِها وتُمارِسُ معها ضُروبَ الابتزاز والخداع وتَحويل الوجهةِ.
خلاصُ النادي الإفريقي لن يكون في التبشير الزائف بـ “ابن جَلاَ وطلاّع الثنايا”، ولا في إيهام الشعب بتَزَاحُم الرّساميل التي تنتظر على أحرّ من الجمر إشارة انطلاق لتبدأ فوْراً بالتدفُّق على مركّب منير القبائلي وتُعيدَ حرْثَ أرضه التي أعجزت الهيآت المُتعاقبة أنْ تستنبتها عُشباً لتَحُلَّ فيها الدولاراتُ والأوروّاتُ بدلا من المُعشّباتِ.
خلاصُ النادي الإفريقي ليس في ريشة أو فوشة المُدوِّنين، ولا في صَوْلات وجَوْلات قُدماء اللاعبين، ولا في اللاّهثين وراء “الجْعالَة” والخائِضين لحُروب “المخزن” بالوكالة !
خلاصُ النادي الإفريقي ليس في وديع رفيعٍ أو وضيعٍ، وليس في لجنة انتخابات جامعيّة لو عُدِلت بأيّ فرعٍ من فُروع النادي، لرَجَحَ بها وزاد في القيمة عليها ومع ذلك هناك من مازال يُروِّجُ لها دون حَياء .. مُنادياً بمهزلة أخرى بعد مهزلة 10 جوان 2018 وما أعقبَها من إخلالات دستورية فاحشة مُتقرّباً لعرفِه السابق الفاشل في التحكيم الرياضي بإسناده تحكيما دستوريّا لم يكن يحلم يوما بأنْ ينالَه ..
خلاصُ النادي الإفريقي ليس في واحدٍ ولا مع واحدٍ مِن أُولاَء جميعاً .. بل الخلاصُ في كلِّ ومع كلِّ مَنْ يعتبرُ الحَلَّ والخلاصَ في شيءٍ حدُّهُ الأدنى هو النادي الإفريقي .. وسَقفُه الأعلى هو النادي الإفريقي !
Views: 0

Midou

A professional journalist and blogger who has worked in several newspapers and websites

Related Articles

Leave a Reply

Back to top button