أخبار عربية

.. السّيسي ليس سوى ذلك العبد المأمور

السيسي عبْدٌ مأمور

الأستاذ زهير إسماعيل

 

الأستاذ زهير إسماعيل

 

قنوات العربية والحدث وسكاي نيوز جعلت من السيسي بطلًا قوميًّا، وتتكلم بخطاب “قومي تقدّمي” مثلما جعلت منه أصواتٌ بيننا “ناصرًا جديدًا” عند انقلابه الدموي على ثورة 25 يناير.
وسكتت عندما تأكّدت علاقاته الاسرائيلية، وخرست عندما نكّل بمن خُدع من شباب الثورة غير الإخواني وبكل صوت حرّ من “المعارضة الليبراليّة” ( العلمانيّة).
وقد اكتشف هؤلاء جميعا أنهم كانوا “كومبارس” في “خدعة سينمائية” راهنت على التقنية لتُوهم بعدد 30 مليون مصريٍّ يوم 30 يونيو 2013.
انقلاب السيسي كان “مخططًا إسرائيليًا” لابد منه لإيقاف الثورة بعد وصولها إلى مصر وإسقاط حسني مبارك. والصهاينة يعلمون قبل غيرهم أنّ الثورة حين تبلغ مصر تصبح عربيّةً ومشروعًا خطيرًا على كيانها أفقه بناء الكيان السياسي للمجال العربي.

مخطط انقلابي بتمويل خليجي إماراتي

 

ولا يمكنهم ألّا يسارعوا بمخططهم الانقلابي بتمويل خليجي إماراتي، بعد جملة الرئيس مرسي: “لن نترك غزّة وحدها ” لما شُنَّت الحرب على غزّة في 2012.
لم يكن الانقلاب أولوية الإدارة الأمريكية، فهي أعلم بالجيش المصري الذي يعيش على معونتها حتّى لُقّب بـ”جيش المعونة الأمريكية”. ولكنها لم تعترض على الانقلاب عند الإعداد له، وعند تنفيذه وبعد نجاحه في إسقاط الانتقال الديمقراطي.
وهذا الموقف الأمريكي من ثورة مصر شبيه بموقف الإدارة الأمريكية اليوم في ليبيا، فهي ترعى “صراع المحاور في ليبيا”.
ولا تتردّد في تعديله بما يخدم مصلحتها. وفي هذا السياق يأتي موقفها بالموافقة الضمنية لتهديد السيسي بالتدخل واعتباره سرت والجفرة خطّا أحمر. فموقف السيسي هذه المرة أيضا هو موقف إسرائيلي بمراقبة أمريكية.

انكسار الإمارات واندحار حفتر

 

موقف يأتي بعد انكسار الإمارات واندحار حفتر. وما صحبه من فرص الحلّ السياسي في ليبيا الموحّدة. وما يمثّله هذا التحول في ميزان القوى من خطر على نظام السيسي الذي يمثّل درعا قويا للكيان.
بدأ السيسي، في عرض مبادرة سياسيّة بشروط المنكسر، بحضور الصديقين اللدودين حفتر المنهزم وعڤيلة المنتظر (في الدورة).
وبدا أنّ الغاية من هذه المبادرة إيقاف الانهيار العسكري للمشروع الانقلابي في ليبيا، ومنع قوات الوفاق من الوصول السريع إلى سرت والجفرة ومنابع النفط وبنغازي..
وفي كلّ الأحوال، فإنّ المبادرة لا تخرج عن الحل السياسي. وهذا لا يتعارض مع الموقف الأمريكي، بل إنّ الإدارة الأمريكية تفضّل توسيع دائرة المتفاوضين وعدم حصره في روسيا وتركيا.

السيسي العبد المأمور

 

لكنّ خطاب السيسي الجديد هو في جوهره موقف إسرائيلي مختلف عن الموقف الأمريكي وليس مناقضا له. السيسي عبد إسرائيل المأمور. وليس حريصا على أمن مصر ولا على بنية الجيش المصري. بل لا مانع من أن يتورط في معركة طويلة تجعله أكثر ارتباطا بالمعونة الأجنبية وغير قادر على حماية مصر والذود عن أولوياتها الإستراتيجية وفي صدارتها مياه النيل المهددة من سدّ النهضة الأثيوبي.
هذا الصراع سينقل إلى المشهد التونسي بواسطة الإعلام الموجه، ليعاد الجدل العقيم الذي كان حول الموقف من حفتر ليصبح جدلا حول السيسي العبد المأمور. وسيكون السيسي بطلا قوميا وربما معاديا للإمبريالية الأمريكية وللحلف الأطلسي والاستعمار العثماني والأخطبوط الإخواني، وآخر حرّاس العروبة.
هكذا يستعان بكلّ مرتزق في الداخل والخارج لوأد الحلم في العيش المشترك والاختيار السياسي الحر وتصريف الثروات الوطنيّة بما ينفع الناس.

دخول السيسي لن يكون نزهة

 

دخول السيسي إلى ليبيا لن يكون نزهة، فتجربة التحالف العربي في اليمن اليوم ماثلة أمام الجميع، وقد يكون إلى جانب أزمة مصر السياسيّة الاجتماعيّة الاقتصادية الخانقة مقدّمة إلى تغيير جوهري في منزلة الجيش المصري القوي (جيش وطني بقيادة عميلة)، ويكون الخروج من “جيش له دولة” إلى “دولة لها جيش” وهذا شرط أساسي في انتقال مصر إلى الديمقراطيّة.
الأمريكان لم يبادروا إلى الانقلاب على الثورة المصرية لا لديمقراطية راسخة عندهم، ولكنهم يدركون أنّ إنهاء مرسي عهدته الرئاسيّة في ظلّ دولة الجيش لن يمسّ بجوهر السياسة المصرية التابعة وبـ”جيش المعونة”. وتكون إزاحة الإخوان بـ”الانتخاب” أقلّ ضررًا من إزاحتهم بـ”الانقلاب”.
Views: 0

Midou

A professional journalist and blogger who has worked in several newspapers and websites

Related Articles

Leave a Reply

Back to top button