اعتصام الكامور بين استهتار الحكومة والنضال الأرعن لاتحاد شغل تطاوين

قضيت جلّ عمري المهني في العمل النقابي ولم أر ولم أسمع باستهتار كالذي مارسته الحكومة في حق الاحتجاجات الأخيرة بتطاوين ولا بنضال أرعن كالذي يمارسه جهوي الشغل بتطاوين.

ما أعرفه في تطاوين أن صكوك الإضرابات توقّع بكل سهولة كما توقّع صكوك الغفران في أشد محطات التاريخ الكنسي ظلمة.. يا سادتي الكرام لقد جاوز الظلم مداه فبرقيات الإضراب في تطاوين البيضاء توّقع في مكتب الكاتب العام الجهوي خارج أي سند قانوني وتوقع في حضوره وغيابه وعقله الرشيد هو المعيار.

فلا الهيئات الإدارية لها معنى ولا الهياكل الأخرى أو من بقي منها لها وزن أو رأي.. تعرفون لماذا ؟. لأن الاتحاد الجهوي للشغل بتطاوين بات يعمل لمصلحة جهة بعينها وأحباب آخرين سيحين ذكرهم.

سمعت أمير تطاوين يعلن تطاوين منطقة مغلقة ويتحدث عن إضراب مفتوح في الوظيفة العمومية والقطاع العام ويتحدث عن قطع إنتاج النفط في الصحراء وكنت أنتظر منه أن يعلن تطاوين إقليما مستقلا وأن يبتكر تصاريح أخرى للدخول إليها في منافسة مفتوحة مع الحكومة التي استأثرت بالمنطقة العسكرية لوجهها دون أهلها.

وقرأت بعيني – المنذورة للدود والتراب – ورقة إضراب ممضاة عن بعد من الكاتب العام الجهوي وعن قرب من الناطق الرسمي لتنسيقية اعتصام الكامور فكذبت بصري الذي ارتد إليّ خاسئا وهو حسير.

وأحرقني سؤال كيف يجوز إمضاء بيان إضراب مغلق أو مفتوح مع طرف لا يحمل صفة نقابية ؟؟؟؟.

راجعت ذاكرتي التي أنهكتها الأيام عن سلوك شبيه قد يكون صدر يوما عن أيّة جهة نقابية حتى يكون الأمر مشفوعا له بـ “الفقه النقابي” قياسا على ” فقه القضاء ” واستشرت العترة الصالحة من الرعيل الأول من النقابيين الأبرار فلم أعثر على تسويغ لهذه الشطحة النقابية.

والآن يجوز لي بعد تحرّ دام ساعات أن أطعن في قانونية الإضراب وأن أطلب المركزية النقابية مراجعته نأيًا بنفسها عن هذا العبث الذي سيلحق فادح الضرر بالمنظمة وأسألها هل هي فعلًا حريصة على سمعة المنظمة إذا فضّلت الذي هو أدنى بالذي هو خير.

سيسألني قوم كرام لماذا لا تنتصر لجهتك فتساهم مع الجميع في إعادة الاعتبار لها بعد عقود متطاولة من التهميش؟.

أقول أنا كما أمس، لم أبرح جهتي ولم أتخلّ عنها في أحلك الفترات لكني لن أقبل بالسير في السبل المسطورة وبالانتصارات الوهمية على الوطن عبر ليّ عنق القوانين.

ولأني مقتنع بأن الكمامير سيجنون نتائج أفضل كلما ابتعدوا عن الحجج التعيسة التي يسوّق لها البعض لتحقيق النصر على هذه الجهة أو تلك ولست أرضى أن أدخل التاريخ تحت ستار الولائم والضجيج الأعمى.

سأكون مرتاحا كلما اعتقدت أني انتصرت للحقيقة وإن كان ذلك في نسبيتها الضئيلة.