أخبار العالمأخبار عربية
عندما تخطئ الدبلوماسية التونسيىة في حقّ تونس!!!
شيء يوجع القلب: لا بد من طرابلس
الأستاذ كمال الشارني
مع الإيعاز الأمريكي بإيقاف المد الروسي في ليبيا ومن تورط معه، بدأ الأتراك في جني ثمار الذكاء السياسي والمراهنة الصح، يأكلون السوق الليبية أكلا جمّا: عقود إعادة إعمار على بنى تحتية، على نفط، على سوقنا التقليدية في ليبيا من خدمات ومواد بناء وتموين غذائي والتي كانت تمثل وحدها حتى 2010 أكثر من 4 مليار دينار.
لم يبق لنا سوى اليد العاملة الرخيصة التي ستواجه أيضا يدا عاملة أكثر رخصا من جنوب وشرق ليبيا. أما جماعتنا، فهم يتعاركون حول ما إذا كان “جماعة طرابلس” دواعش أو إسلاما سياسيا يجب على التونسيين، ليس فقط منعه من السلطة وإنما أيضا التضييق عليه وقطع العلاقات معه، على أساس وصاية بائسة تعتقد أن العلمانيين التونسيين المقيمين في مقاهي البحيرة ممن يستمدون أنوار معرفتهم بالدنيا من فرنسا هم أدرى من على الأرض بأوصاف شرف الحداثة والوطنية والقومية والانتماء إلى منتظم “عصبة الأمم المتقدمة”، وأن الشعب الليبي لم يثر أبدا على معمر القذافي لأنه كان زعيما قوميا ملهما على طريقة المهدي المنتظر، بل إن كل مطالب الثورة في ليبيا كانت مجرد خدعة من الناتو لإيصال الإرهابيين إلى السلطة.
لا بد لتونس من طرابلس، وطرابلس لم تطلب من تونس غير الوضوح وترك خلافاتنا البيزنطية في تونس، وعلى حد معرفتي بالأشقاء الليبيين، فإنهم لم يضيعوا وقتهم مثلنا في متاهات البحث عما إذا كانوا قوميين عربا مع الزعيم الخالد الملهم أو أمازيغ، وما إذا كانوا إسلاميين متشددين أو شعبا عاديا يحكمه نظام اجتماعي محافظ طالما لم يظهر منهم ما يهدد أمن جيرانهم.
لذا، فمن حقهم الإنساني أن ينظموا حياتهم السياسية كما يرونها، وكل ما نرجوه لهم هو أن يتوصلوا إلى موعد لنزع أسلحتهم والتوجه إلى صنادق الاقتراع لاختيار من يحكمهم بعيدا عن خزعبلات النخب التونسية.
في الأثناء، أدرك الأتراك بمواهبهم التجارية التاريخية منذ حرب مدينة تروا Troy هذا الوضع وأكلوا السوق الليبية التي نحن أولى بها من حيث التاريخ المشترك وحسن الجوار.
بدأوا منذ أعوام بالتموين، ثم مواد البناء رغم الحرب وأخيرا صناعات النفط التي لا تحتقر فيها شيئا: حتى شركات الحراسة والنقل والتموين، “توّه برّه” حاول أن تأخذ شيئا من الأتراك الذين أكلوا قبل ذلك السوق التونسية من الشلايك البلاستيك إلى معدات المطابخ وبيوت الراحة ومواد البناء، في ظل تصريحاتنا المتضاربة حول غرب ليبيا، لا أرى أن يبقى لنا غير تقاسم سوق الشغل اليدوي وصناع المخابز والمقاهي والمطاعم مع المصريين والسوادنيين والتشاديين.
أكثر ما أخشاه هو أن تبرم تركيا اتفاقا صحيا ورحلات جوية رخيصة للأشقاء الليبيين للعلاج في تركيا، اسألوا التونسيين عن العلاج في تركيا، حتى زراعة الشعر للصلع، ولإقامة العلاقات الودية، أخشى أننا خسرنا هذه الحرب مع حفتر.
Views: 0