أخبار عربية
في غياب المحكمة الدستورية.. مَنْ يمنع رئيس الجمهوريّة من فرض تأويله للدستور..؟
.. في التّزاحم (الوهمي) بين سحب الثقة .. والاستقالة ..!
الأستاذ سمير ديلو
يخطئ من يظنّ أن لإيداع لائحة اللوم ضد الحكومة مفعولا توقيفيا يُعلّق فصول الاستقالة الطوعية وعرض الحكومة على نيل الثقة، فالتّزاحم الإجرائي ليس بين إيداع اللائحة .. وتقديم الإستقالة، بل هو بين الإستقالة.. والتّصويت على اللائحة
(المعلّلة المتضمّنة لمقترح بديل)..
في رأيي: مجرّد الحديث عن مواصلة مسار سحب الثقة من الحكومة بعد تقديم رئيسها لاستقالته هو من باب..” المُزحة القانونية “..! ، وإن تم المضيّ فيه يصبح بلا شكّ من باب ..”العبث القانوني”..!، لأسباب، بعضها على الأقل، بديهي حتّى لغير المختصّين ..!:
1- تقديم مشروع لائحة سحب الثقة هو بداية إجراءات لا تكون كاملة إلا عند التصويت عليها..( الفصل 97 من الدستور)، أما الاستقالة فهي ليست مسارا فيه إجراءات تضبطها آجال بل هو قرار فوري يُتّخَذ فيُقبَل فيُعلَم به ..( الفصل 98 من الدّستور )..
2- إجراءات سحب الثقة من رئيس الحكومة لا تتمّ قانونا إلا بعد 15 يوما من تاريخ الإيداع في حين أن رئيس الجمهوريّة بدأ المشاورات وسيكلف مرشّحا في أجل أقصاه 10 أيام، مما يعني (نظريّا على الأقل) أنّ النوّاب سيجتمعون لسحب الثّقة من حكومة كلّفها رئيس الجمهورية بتصريف الأعمال (الأمر الرّئاسي عدد68 لسنة 2020 المؤرّخ في 15 جويلية 2020) في حين تكون الشخصيّة (الأقدر) التي اختارها نفس رئيس الجمهورية.. بصدد التّشاور مع الكتل التي ينتمي إليها نفس
النّوّاب..!، مجرّد التّمثّل الذهني لهذه الوضعيّة السرياليّة يصيب بالدّوار ..القانوني..!
3- كلّ مسارات تشكيل الحكومة بما فيها التي يكون فيها زمام المبادرة بيد الحزب الفائز بالانتخابات (الفقرة 2 من الفصل 9 من الدّستور) تبدأ برئيس الجمهورية (تكليفا) وتنتهي به (قسما)..، وبذلك فمن (الجنون القانوني..!) المضيّ في مغالبة بين البرلمان ورئيس جمهورية له اليد الطّولى دستوريّا وله موقع ذو حظوة معتبرة سياسيّا..!
بوست سكريبتوم:
1- مثال يوضّح الحسم الصّريح للتّزاحم الإجرائي (في المجال التّشريعيّ):
الفصل 2 من الدّستور يعطي الأولويّة في النّظر لمشاريع القوانين (المقدّمة من الحكومة أو من رئيس الجمهوريّة) على مقترحات القوانين (المقدّمة من النّوّاب)..
2- في ظل غياب المحكمة الدستورية، من يتولّى تأويل الدستور؟.. أو بالأحرى : من يمنع السّيّد رئيس الجمهوريّة من فرض تأويله للدستور..؟ )).
(سمير ديلو)
وكان البرلمان التونسي برمج جلسة عامة للمصادقة على بقية أعضاء المحكمة الدستورية يوم أمس الخميس 16 جويلية/يوليو 2020 لكن النائبة عيير موسي كان لها رأي آخر حيث منعت وبقية زمرتها، النواب والنائبة الثانية لرئيس البرلمان من تنظيم الجلسة، فتمّ إيقاف الأشغال التي لم تنطلق أصلًا، وحُرم التونسيون من المصادقة على بقية أعضاء المحكمة الدستورية والانتهاء من هذه القضية الشائكة، حتى يمرّ النوّاب إلى مشاريع وقوانين تمسّ المواطن التونسي من قريب.
Views: 0