هنا أخطأ الدريدي.. وهنا أصاب..
في تصريحات صحفية له، عقب مباراة الجولة الرابعة أمام اتحاد تطاوين بالملعب البلدي بحمام الأنف، اعترف مدرب النادي الإفريقي الأسعد الدريدي بأنّ وسط الميدان يمثل نقظة الضعف الكبرى في الفريق، إلى جانب الأخطاء الفردية التي ارتبكها بعض اللاعبين وكانت وراء أغلب الأهداف التي دخلت شباك عاطف الدخيلي وأسامة الجنزولي.
صحيح أنّ المدرب الدريدي يقوم بعمل كبير خاصة وأنه يعتمد على تشكيلة ثلتاها من الشبان الذين لا تتجاوز أعمارهم العشرين عاما، ولكن، ربما، يدري، أو أنه لا يدري، بأنّ ضعف وسط الميدان الذي تحدث عنه، كان يتحمّل جزءًا من حصوله.
لكن الأسعد الدريدي لم يُخطئ فقط.. بل إنه أصاب كذلك.. فأين أصاب؟.. وأين أخطأ؟.
هنا أخطأ الدريدي
في المباراة الأولى التي تعادل خلالها النادي الإفريقي أمام مستقبل الرجيش لعب الدريدي بوسط ميدان مثالي يتكون من وسام بن يحي، وخليل القصاب، وأحمد خليل، وبرغم الأرضية السيئة فقد قدم هذا الثلاثي مستوى متوسطا في أول لقاء في البطولة.
المباراة الثانية في القيروان، وشهدت إصابة أحمد خليل، وهنا بدأت المشاكل، صحيح أنه في تلك المباراة عاد الفريق وحقق الانتصار وقدم مستوى جيدًا بفضل الحركية الكبيرة والرغبة في تحقيق الفوز.
ضعف وسط الميدان ظهر في أكثر تجلياته في لقاء صفاقس ضد النادي الصفاقسي، فأين يبرز خطأ الدريدي؟.
المدرب الدريدي كان عليه أن يحافظ على اللاعبين الذين لعبوا جنبا إلى جنب في وسط الميدان، ولكنه رأى غير ذلك في أصعب لقاء خاضه النادي الإفريقي من بين المباريات الأربع الأولى.
الدريدي اختار أن يلعب خليل القصاب في مركز ظهير أيمن عوضا عن غيث الزعلوني المصاب بينما كان عليه أن يحافظ على نفس الثالوث المكون لوسط الميدان وهم خليل القصاب ووسام يحي إلى جانب رودريغ كوسي الذي عوض أحمد خليل في مباراة القيروان، وهو المتعود على اللعب في ذلك المركز، وهم الأكثر خبرة بين المجموعة تقريبا في مراكزهم.
الدريدي اعتمد على خليل القصاب في مركز الظهير الأيمن، ولكنه اختار بديلا لللقصاب في وسط الميدان اللاعب الشاب معز الحاج علي الذي لا يملك الخبرة في مثل هذه المباريات، وبالتالي فقد لعب يحي وكوسي والحاج علي في وسط الميدان، فظهر أضعف بكثير مما كان عليه، وسيطر وسط ميدان النادي الصفاقسي، وبالتالي كانت الأخطاء من المدافعين الذين لم يتحملوا ضعط مهاجمي ووسط ميدان النادي الصفاقسي، فكانت الهزيمة القاسية.
وكان على الدريدي أن يترك في وسط الميدان كلا من يحي وخليل وكوسي، بينما يكلّف الشاب معز الحاج علي بدور ظهير أيمن، حتى لا نحدث تغييرا في منطقتي الدفاع والوسط بينما كان يمكن المحافظة على وسط الميدان ونغير قليلا في خط الدفاع.
أما في مباراة السبت الماضي ضد نادي حمام الأنف، فقد كرر نفس الخطأ، عندما أدخل تغييرا جديدا في وسط الميدان وذلك بأن كلّف رودريغ كوسي بمركز وسط الدفاع إلى جانب سامي الهمامي، وتركب وسط الميدان من خليل القصاب ووسام يحي، إلى جانب أيوب مشارك
وكان عليه أن يحافظ على تركيبة وسط الميدان المتكون من يحي والقصاب وكوسي، بينما يكلف شهاب الصالحي باللعب في وسط الدفاع، أو حتى أيوب مشارك، إن أراد ذلك، ولكن دون المساس بوسط الميدان طالما أنّ ذلك ممكنًا، فمتى حافظ نفس الخط على نفس التركيبة في ثلاث أو أربع مباريات تتكون اللحمة والانسجام بين عناصر ذلك الخط، وبالتالي يكوّنون ثالوثًا قويًا، يساعد الدفاع، ويقطع غجومات المنافس، ويبني الهجومات من خلال مدّ المهاجمين بالتمريرات والبينية وفي عمق دفاع المنافس، وهو ما لم يحصل ضد اتحاد تطاوين، نتيجة عدم الانسجام بين خطي الدفاع والهجوم بسبب التغييرات المتكررة، والتي كان يمكن أن يحافظ من خلالها المدرب على نفس اللاعبين الذين يمثلون وسط الميدان بينما يكون التغيير في خط الدفاع دون غيره، وهكذا فإنّ الانسجام واللحمة التي يمكن أن تكتسب في ثلاث مباريات، قادرة على أن تغطّي على التغييرات الحاصلة في خط واحد وهو خط الدفاع.
هنا أصاب الدريدي
عندما نتحدث عن خطأ الدريدي، لا يجب أن نهمل في ذات الوقت، أنه أصاب كذلك. ففيم أصاب الدريدي؟.
مدرب النادي الإفريقي الأسعد الدريدي أصاب في أنه تحمّل الصعوبات والأتعاب والضغوطات منذ الموسم الماضي عندما فرّ المسؤولون وتركوه لوحده يواجه اللاعبين والجماهير.
الدريدي تحمّل لخبطة المسؤولين، وفوضى البعض ممن يدّعون حبهم للنادي الإفريقي ولكنهم في الواقع كانوا يدفعون نحو بث الفوضى من خلال بث الإشاعات والأكاذيب.
الدريدي تحمّل ووقف بقوة كأنه أحد أعضاء الهيئة المديرة حيث كان يساعد اللاعبين ويدعمهم بينما لم يحصل يحصل على مرتباته، ورغم ذلك فقد أصرّ على أن يواصل لأنه كما يقول “رجل مبادئ”.
المدرب الدريدي، وفق بعض المواقع، يدين للنادي الإفريقي بأكثر من 400 ألف دينار، ورغم ذلك لم يطالب مثلما طالب من يدّعون بأنهم مسؤولين سابقين للنادي ومن أبنائه.
وبالرغم من أني شبه متأكد من أنّ المسؤولين لم يفكروا في تعويض المدرب الدريدي، إلا أنّ البعض من الصائدين في الماء العكر، يروّجون إلى أنّ مدربًا فرنسيًا وصل إلى تونس ليحضر مباراة النادي الإفريقي واتحاد تطاوين، وذلك رغبة منهم في إيجاد شرخ بين الهيئة والمدرب.. لكن المدرب الفرنسي لم يحضر، ولم يحصل بالتالي الشرخ الذي كانوا يعملون على تحقيقه.
المدرب الدريدي لم يهتمّ بما يقال أو بما يكتب ولكنه واصل عمله بكل احترافية، متحمّلا بذلك السبّ والشتم الذي كان يصله من البعض الذين يدّعون حبّ النادي الإفريقي، بينما هم يعملون في الخفاء والعلن على بثّ الفوضى في صفوف الفريق، غير مهتمّين بمستقبل النادي الإفريقي في موسم المائوية.
ومهما يكن من أمر، فإنّ الدريدي مدرب شجاع وطموح، والأكيد أنه بتأهيل اللاعبين المنتدبين الجدد في أقرب وقت ممكن، سيجد التوليفة المثالية للتشكيلة الأساسية للنادي الإفريقي في بقية المشوار حتى يستطيع تعويض ما خسر الفريق من نقاط خلال مباريات بداية الموسم.
ولا يمكن محاسبة الدريدي أو تقييمه تقييما موضوعيا بمثل هذا الرصيد البشري، وبالتالي لا يمكن الاستعجال، ومتى تم تأهيل المنتدبين الجدد، يمكن ساعتها أن تعرف حقيقة إمكانيات المدرب الأسعد الدريدي، القادر على النجاح برصيد بشري ثريّ ومتنوع.
زوروا صفحتنا على “فيسبوك” واشتركوا في “برشة نيوز” ( barchanews)