أخبار عربية
قبل الإعلان عن تشكيلة الحكومة.. تخمينات مواطن
كتب الدكتور علي الشابي تدوينة حول تشكيلة حكومة المشيشي وما تحمله من تداعيات على الوطن خاصة وأنّ الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في حالة تتطلب تكاتف الجهود بغاية الوصول إلى برّ الأمان.
وقال الشابي إنّ الاختيار على “حكومة كفاءات مستقلة تماما” ليس الاختيار الأمثل في ظلّ ما تعيشه تونس من تجاذبات بين مختلف المؤسسات.
وفي تدوينته، أشار الدكتور الشابي إلى أنّ “الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية أصبحت واضحةً جليةً لكلِّ التونسيين. فالاقتصادُ منهارٌ ولا يحتاج إلى خبراء للتّأكّد من ذلك، والواقع الاجتماعي ليس في أفضل حالاته باعتبار تنامي التفاوت الاجتماعي والجهوي وارتفاع منسوب الجريمة والانحراف ولكن كذلك ارتفاع عدم اليقين بالمستقبل. أمّا الواقع السّياسي الذي هو اختزالٌ لأسباب وتداعيات الوضع في الآن نفسه باعتبار نظرية الدولة، فقد توصّل الخطابُ القائمُ على (1) الاستثمار في خيبة جزءٍ من التونسيين من النُّخبة السياسيّة وأدائها وتدهور أوضاعهم الاجتماعية، إلى التعالي على (2) الخطاب القائم على تحدّيات المرحلة الانتقالية وإدارتها ومتطلباتها واكراهاتها بما تتضمنّه من خيبات. فالأوّل بدا أسهلَ الاستساغة في الفضاء العام بقدر ما بدتْ نسبةُ الناس المنخرطين فعليا وإراديا في تحديات المرحلة منخفضةً وبقدر ما ساءت حالتهم الاجتماعية”.
وأضاف الشابي “وبالنهاية تمّ احتكار “الحُكْم بالفشل على النخبة السياسية” في الفضاء العام وتعميم وضعها في سلة واحدة كردّة فعل سهلة الاتخاذ وأقرب للانطباعية منها إلى المنهجية العلمية والتجارب العالمية المقارنة. والأمرُ الذي زاد الطينَ بلّة هو العلاقات المتوترة المزمنة بين الكيانات السياسية والتي طغى عليها طابع التطاحن ونفي الآخر والتي لا تكون عادةً إلاّ على حساب صدقية النخبة السياسية لدى الإدراك العام، إلى حدّ فتح المجال لاستهداف العمل السياسي في حدّ ذاته كفعل مواطني مشروع وهو عصبُ الديمقراطية وعمادُ بنائها وشرط استدامتها. وعوض أن يكون الأمر كذلك، كان من الأجدر أن تُمنح الفرصة للشعب ليختار الأحزابَ التي يرتئي إسنادها ثقتَه عوض التوجّه قبل ترميم الهشاشة الدستورية الحالة، نحو إزاحتها كُلّيًّا – وهو مُستحيل–”.
وأشار في تدوينته غلى “حكومة الكفاءات المستقلة” قائلًا: “هذا، وأعتقد أنّ من دلالات الإعلان عن “حكومة كفاءات مستقلة تماما” عن الأحزاب في هذا الظرف الدقيق ليس من أفضل الاختيارات، لأنّه قد يكون انصياعا لرُؤية الرئيس الشخصية بعدم إيمانه بالتشكيلة الحزبية للمشهد السياسي وبالتالي هي عمليا فاقدةٌ من البدْء لاستقلاليتها. ولإضفائها شيئا من الشرعية، قد يقوم المؤمنون بنظرته بتكثيف نشاطهم في الجهات إذا تمّت المصادقة على حكومة “المستقلين” في البرلمان بإحراج الأحزاب السياسية التي فقدتْ هامش المناورة بتعنّت بعضها في عدم احترام أولويات المرحلة ومشاغل المواطنين المباشرة. فإذا صادقت هذه الأحزابُ على الحكومة، فهي ستنال التهميش ما دامت غير مُوحّدة. وإذا رفضتها، فقد لا يُحلُّ البرلمانُ وتطول مدّة حكومة “تصريف الأعمال” إلى نهاية العُهدة الحالية. وإذا دخلنا في دورة انتخابية سابقة لأوانها فإنها ستكون الأكلف سياسيا على اغلب الأحزاب. وفي الاثناء قد لا تجد الدولة القدرة على القيام بأدوارها في مجابهة الأزمة الاقتصادية الحالية في حال الذهاب إلى “حكومة تصريف أعمال متواصلة في الزمن” أو” حكومة مستقلين” بدون شرعية شعبية. فالتاريخ يروي أنّ العلاقة بين الحاكم المحكوم تصبح مباشرة بقدر ما كان الشعب متحررا وساءت حالتُه!”.
و”لأنّ تونس ليست مخبرا تُحاك فيه التجارب، كما لا أرضاه لبلدي” يضيف الشابي، مشددًا على أنّ “حُكم الإدارة” وانفرادها بالإشراف على الانتقال – حسب تقديري وأرجو أن أكون مُخطئا– واردٌ جدًّا، وهو حمّالٌ لمخاطر عدّة لأنّ هذه التجربة لم تمرّ بها تونس من قبل خاصة عندما يتعلق الأمر بالواقع الحالي. فمن بين هذه المخاطر هو أن تفقد الإدارةُ حيادها عند اعتلائها السّلطة السياسية. فالبلد لا يحتاج إلى حلول تكنوقراطية وإجرائية بحتة بقدر ما هو بحاجة ملحّة للرّيادة وترصيص الصفوف والشمولية والتوحيد بين المجموعات والمؤسّسات وكذلك بين الفرقاء والتواضع في مجابهة التحديات العاجلة والهيكلية، لا للتهميش والإقصاء والعنف والتفكير مكان الآخر والانفراد بـ “العصا السحرية”. وأمّا مفهوم “الكفاءات المستقلة” البديلة فانّه لا يوحي بوجاهة في ضوء أغلب الذين تمّ استدعاؤهم إلى قصر الضيافة واعتبارهم –عبثًا –”قامات””.
Views: 0