We and our partners use cookies to Store and/or access information on a device. We and our partners use data for Personalised ads and content, ad and content measurement, audience insights and product development. An example of data being processed may be a unique identifier stored in a cookie. Some of our partners may process your data as a part of their legitimate business interest without asking for consent. To view the purposes they believe they have legitimate interest for, or to object to this data processing use the vendor list link below. The consent submitted will only be used for data processing originating from this website. If you would like to change your settings or withdraw consent at any time, the link to do so is in our privacy policy accessible from our home page..
الأستاذ مصباح شنيب يحدثنا عن أهمية شرب الشاي بالنسبة للبدو، حتى أنهم يعتبرونه، أحيانًا، أهمّ من القمح والشعير.
ويأخذنا أستاذنا المبدع، كعادته، إلى العلاقة بين الشيخ الصوفي أبي الحسن الشاذلي وكأس الشاي.
الشّاي عزاء البدو وسلواهم
الأستاذ مصباح شنيب
حدثنا أهلنا عن بعض أهلنا في الزمن الغابر أنّ شوقهم إلى الشّاي يرقى بهم إلى أعلى مقامات الوجد، فتتخذ العلاقة به أشكالًا صوفية يغدو معها التوق إلى كأس من الشاي ضربًا من الجذب وحالًا من أحوال الشوق إلى معانقة المتعة.
ويصل بهم الأمر في أوقات ندرته وصعوبة الوصول إليه إلى الاستعاضة عنه ببعض الحشائش المطبوخة أو البقول المحروقة لإيهام النفس بإشباع طلبها الملحّ عليه وإسكات الحاجة إليه.
وفي صورة إتلاف أوانيه من كؤوس وبرّاد، التي لا مناص منها لتحضيره، فإنهم يلجؤون إلى ترقيعها وإصلاحها بشتى الوسائل كأن يتمّ جبر زجاج الكأس بخليطٍ من محّ البيض وهباء الحطب المحروق.
ورغم أنّ ذلك يشوّه شكل الكأس التي تبدو للرائي محاطة بحزام قبيح يفسد شهية مترشفه إذ من تمام لذته أن يُرى صافيًا من بلور الكأس.
غير أنّ الحاجة وبعد الأسواق عن مضارب البدو يحولان دون اقتناء الكؤوس المعرضة للكسر باستمرار.
الشّاي أهمّ من الشعير والقمح
ولم يكن كلّ الناس قادرين على توفير الشاي. وحتى في صورة اقتدارهم على ذلك فهو ليس متاحًا للجميع، فالأطفال والنساء لا حظ لهم فيه ومبلغ ما يدرك الأطفال منه هو أن يمتصّوا حشيشته بعد الفراغ من طهيه، وبعد أن تكون قد اعتصرت بفعل معاودة طبخها المرة بعد الأخرى بحسب الوقت الذي يستغرقه الميعاد، ويكون لونها قد نصل وتلاشت قواها.
ويعتبر الشاي أهم من الشعير والقمح إذ يُخبّأ في صندوقٍ محكم الغلق، ويكون المفتاح بيد كبير القوم أو بيد عميدة الأسرة، كيف لا وهو يقدم للضيف قبل تحضير الطعام. ويعتبر أغلى هديةٍ في أزمنة الجوع والخوف.
ويُحكى عن أحد أعمامي ممّن لم أدركهم، أنه كان شديد التعلق بالشّاي، وأنه خلال سفره كان يستعجل القافلة للاستراحة. وأول ما يبادر به هو إشعال النار لتحضير الشاي قبل أي شيء آخر. ومن أغرب ما يُروى عنه أنه كان ينبطح ويقترب من البرّاد الموضوع على النار، ويأخذ في ارتشاف ما يفرزه أنبوبه من فقاقيع ناشئة عن الرغوة المتصاعدة جرّاء شدة حرارة النار.
علاقة الشّاي بأبي الحسن الشاذلي
وأضحى الشاي محلّ قسم. ويُقال إنّ ذلك يعود إلى الصوفي الشيخ أبي الحسن الشاذلي الذي كان يستعين على التهجد وقيام الليل بشرب الشاي حتى ظنّ الناس أنّ الشّاي من متعلقات القداسة. وأصبحنا نسمعهم يقسمون، والكأس بين أيديهم بقولهم “ورأس ها الشاذلية”.